الخميس، 17 مايو 2012
لنص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 423 : -
لنص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 423 : -
[ المورد - ( 85 ) - خروجها على الإمام ]
وحسبك خروجها على الإمام طلبا بدم عثمان ، بعد تحاملها عليه ، وإغرائها الناس به وقولها فيه ما قالت ( 633 ) .
( 633 ) هنا نصوص شتى خالفتها أم المؤمنين في سيرتها مع على وعثمان ، لعلها تربو في عددها على كل ما تقدمها من النصوص التي تأولها الخلفاء الثلاثة ، فلم يعملوا على مقتضاها ، وحسبك من موارد مخالفتها ما تراه في أصل الكتاب كمورد واحد ، ولا تنس ما مر عليك آنفا مما أخرجه مسلم عنها من عدة طرق : ان الصلاة أول ما فرضت كانت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت الحضر ، روت ذلك ثم لم تعمل به ، بل تأولته كما سمعت نصه في صحيح مسلم ( منه قدس ) .
كما تقدم تحت رقم ( 568 و 628 و 629 ) ( * ) .
- ص 424 -
وقد قال الله تعالى فيما أمر به نساء النبي صلى الله عليه وآله في محكمات الكتاب من سورة الأحزاب : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ( 634 ) ،
لكن السيدة خرجت على الإمام بعد انعقاد البيعة له ، وإجماع أهل الحل والعقد عليه ، وكان أول من بايعه طلحة والزبير من السابقين الأولين إلى ذلك ( 635 ) .
خرجت هذا الخروج من بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه ، وكان خروجها على قعود من الإبل ، تقود ثلاثة آلاف من طغام الناس ، وأوباش العرب ، وفيهم - بكل أسف - طلحة والزبير ، وقد نكثا البيعة ، فكانت تعلو بجيشها الجبال ، وتهبط الأودية ، وتجوب الفيافي وتقطع المفاوز والقفار ، حتى أتت البصرة وعليها من قبل أمير المؤمنين عثمان بن حنيف الأنصاري ، ففتحها بعد تلك الدماء المسفوكة ، والحرمات المهتوكة ، وكان ما كان مما لم يكن في الحسبان من فظائع وفجائع فصلها أهل السير والأخبار ، وتعرف هذه الواقعة عندهم بوقعة الجمل الأصغر ، وكان لخمس بقين من ربيع الثاني سنة ست وثلاثين للهجرة ، وذلك قبل مجئ علي عليه السلام إلى البصرة ( 636 ) .
ثم لما أتى إلى البصرة بمن معه نهدت إليه عائشة بمن معها تذوده عنها ،
( 634 ) سورة الأحزاب : 33 . ( 635 ) لأجل المزيد من الاطلاع حول خروجها على أمير المؤمنين : راجع : أحاديث أم المؤمنين عائشة ق 1 ، كتاب الجمل للشيخ المفيد ط الحيدرية وراجع ما تقدم تحت رقم ( 568 و 570 و 628 ) .
( 636 ) تاريخ الطبري ج 4 / 474 ، أنساب الأشراف للبلاذري ج 2 / 228 ، أسد الغابة ج 2 / 38 ، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 2 / 481 ط 1 . وراجع ما تقدم تحت رقم ( 570 ) ، سبيل النجاة في تتمة المراجعات رقم ( 443 ) ( * ) .
- ص 425 -
فكف يده ودعاها إلى السلام بكلام يأخذ بالأعناق إلى ذلك ، لكنها أصرت على الحرب وبدأته بالقتال ، فلم يسعه حينئذ الا العمل بقوله تعالى : ( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) ( 637 ) وبذلك فتح الله عليه ، لكن بعد جهاد عظيم أبلى فيه المؤمنون بلاء حسنا ، وتسمى هذه الواقعة وقعة الجمل الأكبر وكانت يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين للهجرة .
وهاتان الوقعتان متواترتان تواتر وقعات صفين والنهروان وبدر وأحد والأحزاب ، وقد فصلهما من فصل حوادث سنة ست وثلاثين للهجرة ( 1 ) وذكرهما أو أشار إليهما كل من أرخ حياة علي ( ع ) وعائشة وسائر من كان مع كل منهما من الصحابة والتابعين من أهل المعاجم والتراجم ( 638 ) .
( 637 ) سورة الحجرات : 9 .
( 1 ) كهشام بن محمد الكلبى في كتابه الجمل . والطبري في تاريخ الأمم والملوك وابن الأثير في كامله . والمدائني في كتابه الجمل وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين . ولا يفوتنكم ما في المجلد الثاني من شرح النهج لابن أبى الحديد طبع مصر وعليكم منه ص 77 وما بعدها إلى ص 82 إذ شرح قول أمير المؤمنين ( النساء نواقص الحظوظ . إلى آخره ) ، ولا تفوتنكم منه ص 496 وما بعدها إذ شرح قوله : فخرجوا يجرون حرمة رسول الله . الخطبة ( منه قدس ) .
( 638 ) وحسبكم من ذلك الاستيعاب وأسد الغابة ، والإصابة ، وطبقات ابن سعد وغيرها ( منه قدس ) .
لأجل التفصيل حول ذلك وأسماء الصحابة الذين استشهدوا مع أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الجمل الأكبر : راجع : أحاديث أم المؤمنين عائشة ق 1 / 121 - 200 ، الجمل للشيخ المفيد ط الحيدرية ، مروج الذهب ج 2 / 359 - 360 ، أسد الغابة ج 1 / 385 وج 2 / 114 و 178 وج 4 / 46 و 100 وج 5 / 143 و 146 و 286 ، الإصابة ج 1 / 248 و 501 وج 2 / 395 ، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 104 تحت رقم ( 444 ) ( * ) .؟
- ص 426 -
[ حول هذه المأساة ]
وقال كل من صنف في السير والأخبار " فيما نص عليه ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ( 1 ) " : ان عائشة كانت من أشد الناس على عثمان ، حتى انها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلى الله عليه وآله فنصبته في منزلها ، وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنته ( 639 ) .
( قالوا ) : أن أول من سمى عثمان نعثلا لعائشة ، وكانت تقول : " اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ، اقتلوا نعثلا فقد كفر " ( 640 ) وكان طلحة والزبير من أشد المؤلبين عليه وأشدهما كان طلحة ( 641 )
وروى المدائني في كتاب الجمل وغير واحد من اثبات السير ( قالوا ) : لما قتل عثمان كانت عائشة بمكة ، وحين بلغها قتله لم تكن تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر ، فقالت : بعدا لنعثل وسحقا ، ايه ذا الاصبع أيه أبا شبل ايه يا ابن عم ، لكأني أنظر إلى اصبعه وهو يبايع ( 642 ) .
( 1 ) ص 77 من المجلد الثاني ( منه قدس ) .
( 639 ) تاريخ أبى الفداء ج 1 / 172 ، أنساب الأشراف ج 5 / 48 و 88 ، الأغاني لأبي الفرج الاصفهانى ج 4 / 180 ، الغدير ج 8 / 123 وج 9 / 77 وما بعدها وراجع ما تقدم تحت رقم ( 628 ) ، المعيار والموازنة ص 21 ، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 181 .
( 640 ) تقدما تحت رقمي ( 628 و 629 ) .
( 641 ) الغدير ج 9 / 91 - 109 ، شرح النهج الحديدي ج 2 / 506 ط 1 ، تاريخ الطبري ج 5 / 139 و 122 و 143 و 165 و 154 ، الكامل لابن الأثير ج 3 / 87 ط بيروت تاريخ بن خلدون ج 2 / 397 ، أنساب الأشراف ج 5 / 44 و 90 و 74 و 76 و 81 ، الإمامة والسياسة ج 1 / 34 ، العقد الفريد ج 2 / 269 . راجع بقية المصادر في الغدير ج 9 .
( 642 ) الغدير ج 9 / 82 ، أنساب الأشراف للبلاذرى ج 2 / 217 ( * ) .
- ص 427 -
( قالوا ) : وكان طلحة حين قتل عثمان أخذ مفاتيح بيت المال ، وأخذ نجائب كانت لعثمان في داره ، ثم لما فسد أمره دفعها إلى علي بن أبي طالب ( ع ) ( 643 ) .
وروى الطبري ( 1 ) وغيره بالإسناد إلى أسد بن عبدالله عمن أدركهم من أهل العلم : ان عائشة لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة ، لقيها عبد ابن أم كلاب ، وهو عبد ابن أم سلمة ينسب إلى أمه ، فقالت له : مهيم ؟ قال : قتلوا عثمان فمكثوا ثمانيا . قالت : ثم صنعوا ماذا . قال : أخذها أهل المدينة بالإجماع ، فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقالت : والله ليت أن هذه انطبقت على هذه ان تم الأمر لصاحبك ، ردوني ردوني فارتدت إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما ، والله لاطلبن بدمه . فقال لها ابن أم كلاب : ولم ؟ فوالله ان أول من أمال حرفه لانت ، ولقد كنت تقولين " اقتلوا نعثلا فقد كفر " قالت : انهم استتابوه ثم قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير من قولي الأول فقال لها ابن أم كلاب :
فمنك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا انه قد كفر
فهبنا اطعانك في قتله * وقاتله عندنا من أمر
ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم تنكسف شمسنا والقمر
وقد بايع الناس ذا تدرؤ * يزيل الشبا ويقيم الصعر
ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفى مثل من قد غدر ( 2 )
( 643 ) الغدير ج 9 / 82 .
( 1 ) في ص 476 من الجزء الثالث من تاريخ الأمم والملوك ( منه قدس ) .
( 2 ) أورد ابن الأثير وغيره هذه القضية وهذه الأبيات ، وهى من الشهرة بمكان ( منه قدس ) ( * ) .
- ص 428 -
قال : فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد ، فقصدت الحجر ، واجتمع الناس إليها فقالت : يا أيها الناس ان عثمان قتل مظلوما ، والله لاطلبن بدمه ( 644 )
وأثارتها فتنة عمياء بكماء انتقاما من علي خليل النبوة ، والمخصوص بالاخوة ، وما كان بالقاتل لعثمان أو المحرض عليه ، أو الراضي بقتله ( 645 )
وكان مما قالته - كما في الكامل ( 1 ) لابن الأثير وغيره - : ان الغوغاء من أهل الأمصار ، وأهل المياه ، وعبيد أهل المدينة ، اجتمعوا على هذا الرجل فقتلوه ظلما ، ونقموا عليه استعمال من حدثت سنه . وقد استعمل أمثالهم من كان قبله ، ومواضع من الحمى حماها ، فتاب ونزع لهم عنها . فلما لم يجدوا حجة ولا غدرا بادره بالعدوان ، فسفكوا الدم الحرام ، واستحلوا البلد الحرام ، والشهر الحرام ، وأخذوا المال الحرام ، والله لاصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم ، ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه ، أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء . فقال عبدالله بن عامر الحضرمي ، وكان عامل عثمان على مكة : ها أنا أول طالب . وتبعه بنو أمية على ذلك ، وكانوا هربوا من المدينة بعد قتل عثمان إلى مكة ( 646 ) .
( 644 ) تاريخ الطبري ج 5 / 172 ، الكامل في التاريخ ج 3 / 105 ، الغدير ج 9 / 80 ، تذكرة الخواص ص 64 .
( 645 ) كما يعلمه كل مصنف من هذه الامة وغيرها ( منه قدس ) . بل كان محايدا كما يشير إليه قوله : " لو أمرت به لكنت قاتلا أو نهيت عنه لكنت ناصرا غير ان من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه ومن خذله لا يستطيع أن يقول نصره من هو خير منى وأنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الاثرة وجزعتم فأسأتم الجزع ولله حكم واقع في المستأثر والجازع " نهج البلاغة الخطبة : 30
( 1 ) ص 103 من جزئه الثالث ( منه قدس )
( 646 ) الكامل لابن الأثير ج 3 / 606 ، تاريخ الطبري ج 5 / 165 . ( * ) .
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 319 : -
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 319 : -
[ المورد - ( 48 ) - : اخذ الفداء من الأسرى يوم بدر ]
لما نصر الله عزوجل عبده ورسوله يوم الفرقان يوم التقى الجمعان في بدر ، وجئ بالأسرى إليه ، علم من عزمه انه سيبقي عليهم ، أملا بأن يهديهم الله - فيما بعد - لدينه ، ويوفقهم لما دعا إليه من سبيله - كما وقع ذلك والحمد لله - وهذا هو النصح لله تعالى ولعباده .
لكن قرر رسول الله صلى الله عليه وآله - مع العفو عنهم - أخذ الفداء منهم ليضعفهم عن مقاومته ، ويقوى به عليهم ، وهذا هو الأصح - في الواقع للفريقين ، وفيه النصح لله تعالى ولعباده أيضا كما لا يخفى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) ( 456 ) على أنه صلى الله عليه وآله كان مطبوعا على الرحمة ما وجد إليها سبيلا .
وكان من رأي عمر بن الخطاب أن يقتلوا ، بأجمعهم ، جزاء بما كذبوا وآذوا وهموا بما لم ينالوا ، وأخرجوا وقاتلوا ، وكان قوي العزيمة شديد الشكيمة في استئصالهم قتلا بأيدي أرحامهم من المسلمين ، حتى لا يبقى منهم أحد ( 457 ) .
لكن رسول الله صلى الله عليه وآله مثل فيهم كلمته التي حكاها الله تعالى عنه في محكم فرقانه العظيم ( 1 ) ألا وهي قوله : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ
( 456 ) سورة النجم : 3 .
( 457 ) الدرجات الرفيعة ص 82 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 3 / 242 ، صحيح مسلم ج 5 / 157 .
( 1 ) هي الآية 16 من سورة يونس ( منه قدس ) ( * ) .
- ص 320 -
عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) . فخلى سبيلهم - عفوا عنهم وكرما - بعد أن أخذ منهم الفداء ، فكان الجاهلون بعصمته وحكمته بعد ذلك ( لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ ) انما كان رسول الله صلى الله عليه وآله في بقياه عليهم ، وأخذه الفداء منهم مجتهدا ( 1 ) وكان الصواب قتلهم ، واستئصال شأفتهم ، محتجين بأحاديث مفتأتة لا يجيزها عقل ولا نقل .
فمنها : أن عمر غدا على رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أخذه الفداء فإذا هو وأبو بكر يبكيان فقال : ما يبكيكما فان وجدت بكاء بكيت وإلا تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ان كاد ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم ، ولو نزل عذاب ما أفلت منه إلا ابن الخطاب ( 458 ) .
( قالوا ) وأنزل الله تعالى ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ
( 1 ) نقل ذلك عنهم السيد الدحلانى في السطر الأخير من ص 512 من الجزء الأول من سيرته النبوية المطبوعة في هامش السيرة الحلبية ( منه قدس ) .
( 458 ) تجد هذا اللفظ في ص 512 من الجزء الأول من السيرة النبوية للدحلانى وتجد غيره مما هو في معناه فيها وفى السيرة الحلبية ، وفى البداية والنهاية لابن كثير نقلا عن كل من الإمام أحمد ومسلم وأبى داود والترمذي بالإسناد إلى عمر بن الخطاب ( منه قدس ) . راجع : صحيح مسلم ج 5 / 157 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 3 / 243 عن : تاريخ الطبري ج 1 / 169 ، الكامل في التاريخ ج 2 / 136 ، السيرة الحلبية ج 2 / 190 ، أسباب النزول للواحدي ص 137 ، حياة الصحابة ج 2 / 42 ، كنز العمال ج 5 / 265 عن عدة كتب ، الدر المنثور ج 3 / 201 - 203 ، مشكل الآثار ج 4 / 291 ، المغازي للواقدي ج 1 / 107 ، فواتح الرحموت بهامش المستصفى للغزالي ج 2 / 267 ، تاريخ الخميس ج 1 / 393 ، المستصفى للغزالي ج2 / 356 ( * ) .
- ص 321 -
فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) الآيات ( 459 ) .
( وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) ( 460 ) إذ أمعنوا في التيه . فجوزوا الاجتهاد على رسول الله صلى الله عليه وآله والله تعالى يقول : ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) وقد أو غلوا في الجهل إذ نسبوا إليه الخطأ ، وتسكعوا في الضلال ، إذ آثروا قول غيره ، واشتبهت عليهم - في هذه الآية - معالم القصد ، وعميت لديهم - فيها - وجوه الرشد ، فقالوا بنزولها في التنديد برسول الله وأصحابه ، حيث آثروا - بزعم هؤلاء الحمقى - عرض الدنيا على الآخرة فاتخذوا الأسرى ، وأخذوا منهم الفداء قبل ان يثخنوا في الأرض ، وزعموا أنه لم يسلم يومئذ من هذه الخطيئة إلا عمر ، وأنه لو نزل العذاب لم يفلت منه إلا ابن الخطاب .
وكذب من زعم أنه اتخذ الأسرى وأخذ منهم الفداء قبل أن يثخن في الأرض فانه صلى الله عليه وآله إنما فعل ذلك بعد أن أثخن في الأرض ، وقتل صناديد قريش وطواغيتها كأبي جهل بن هشام ، وعتبة ، وشيبة بن أبي ربيعة ، والوليد بن عتبة ، والعاص بن سعيد ، والاسود بن عبد الأسد المخزومي ، وأمية بن خلف ، وزمعة بن الأسد ، وعقيل بن الاسود ، ونبيه ، ومنبه ، وأبي البختري ، وحنظلة بن أبي سفيان ، وطعيمة بن عدي بن نوفل ، ونوفل بن خويلد ، والحارث ابن زمعة ، والنظر بن الحارث بن عبد الدار ، وعمير بن عثمان التميمي ، وعثمان ومالك اخوي طلحة ، ومسعود بن أمية بن المغيرة ، وقيس بن الفاكه بن المغيرة ، وحذيفة بن أبي حذيفة ابن المغيرة ، وأبي قيس بن الوليد بن المغيرة ، وعمرو بن مخزوم ، وأبي المنذر بن
( 459 ) سورة الأنفال : 67 . ( 460 ) سورة الأنعام : 90 ( * ) .
- ص 322 -
أبي رفاعة ، وحاجب بن السائب بن عويمر ، وأوس بن المغيرة بن لوذان ، وزيد بن مليص ، وعاصم بن أبي عوف ، وسعيد بن وهب حليف بن عامر ، ومعاوية بن عبدالقيس ، وعبد الله بن جميل بن زهير بن الحارث بن أسد ، والسائب بن مالك ، وأبي الحكم بن الاخنس ، وهشام بن أبي أمية بن المغيرة . ( 461 ) إلى سبعين من رؤس الكفر ، وزعماء الشرك كما هو معلوم بالضرورة ، فكيف يمكن بعد هذا ان يكون صلى الله عليه وآله قد أخذ الفداء قبل أن يثخن في الأرض لو كانوا يعقلون ؟ وكيف يتناوله هذا اللوم بعد اثخانه يا مسلمون ؟ ! وقد تنزه رسول الله وتعال الله عن ذلك علوا كبيرا .
والصواب ان الآية إنما نزلت في التنديد بالذين كانوا يودون العير وأصحابه على ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله - عن هذه الواقعة - عز من قائل : ( وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ) ( 1 )
وكان صلى الله عليه وآله قد استشار أصحابه فقال لهم ( 2 ) : ان القوم قد خرجوا على كل صعب وذلول فما تقولون ؟ العير أحب اليكم أم النفير ؟ .
قالوا : بل العير أحب إلينا من لقاء العدو ، وقال بعضهم حين رآه صلى الله عليه وآله مصرا على القتال : هلا ذكرت لنا القتال لتتأهب له ؟ انا خرجنا للعير لا للقتال ، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل الله تعالى : ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي
( 461 ) الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 3 / 192 وما بعدها ، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 14 / 208 - 212 ، المغازي للواقدي ص 143 - 151 .
( 1 ) الآية 7 من سورة الأنفال ( منه قدس ) .
( 2 ) كما في السيرتين الحلبية والدحلانية وغيرهما من الكتب المشتملة على هذه الواقعة ( منه قدس ) ( * ) .
- ص 323 -
الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) ( 1 ) .
وحيث أراد الله عزوجل أن يقنعهم بمعذرة النبي صلى الله عليه وآله في إصراره على القتال ، وعدم مبالاته بالعير وأصحابه قال عز من قائل ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ ) من الأنبياء المرسلين قبل نبيكم محمد صلى الله عليه وآله ( أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ) فنبيكم لا يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض على سنن غيره من الأنبياء الذين اتخذوا أسرى أبي سفيان وأصحابه حين هربوا بعيرهم إلى مكة ، لكنكم أنتم ( تُرِيدُونَ ) إذ تودون أخذ العير وأسر أصحابه ( عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ ) باستئصال ذات الشوكة من أعدائه ( وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) والعزة والحكمة تقتضيان يومئذ اجتثاث عز العدو ، وإطفاء جمرته ، ثم قال تنديدا بهم ( لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ ) في علمه الأزلي بأن يمنعكم من أخذ العير ، وأسر أصحابه لأسرتم القوم وأخذتم عيرهم ، ولو فعلتم ذلك ( لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ ) قبل أن تثخنوا في الأرض ( عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .
هذا معنى الآية الكريمة ، ولا يصح حملها على غيره ، على إني لا أعلم أحدا سبقني إليه ، إذ أوردت الآية وفسرتها في الفصول المهمة ( 2 ) .
لنص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 14 : -
لنص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 14 : -
]مدرسة الرأي : ]
وفي القرن الثاني تطورت أسباب الاعتذار والتبرير من " التأويل " إلى الرأي وكانت مدارس الرأي كثيرة ادعى بعضهم وجودها في زمن الصحابة في الصدر الأول من الإسلام ولكن مدرسة الإمام أبي حنيفة المتوفى 150 ه والمتواجدة في العراق فاقت بقية مدارس الرأي فقد بالغ بالأخذ به كمصدر أساسي للأحكام الشرعية ودليل قاطع فقد روى الخطيب البغدادي في ترجمة أبي حنيفة من تاريخ بغداد عن يوسف بن أسباط قال قال أبو حنيفة : " لو أدركني رسول الله وأدركته لأخذ بكثير من قولي وهل الدين الا الرأي الحسن " ( 1 ) .
ولهذا تشدد في أخذ النصوص من السنة النبوية إلى حد كان يرفض جملة كبيرة منها ، فقد روى الخطيب أيضا عن علي بن عاصم انه قال : حدثنا أبا حنيفة عن النبي فقال : لا آخذ به فقال : فقلت : عن النبي فقال : لا آخذ به وروي أيضا عن أبي إسحاق الفزاري قال : كنت آتي أبا حنيفة أسأله عن الشئ من أمر الغزو فسألته عن مسألة فأجاب فيها فقلت له : انه يروى فيه عن النبي كذا وكذا قال : دعنا عن هذا . وقال أيضا : كان أبو حنيفة يجيئه الشئ عن النبي صلى الله عليه وآله فيخالفه إلى غيره ( 2 ) .
وعلى هذا المبنى فقد أفتى بجملة من الأحكام الشرعية التي توجد كثير من الروايات على خلافها ( 3 ) .
والحاصل : ان الرأي في مدرسة أبي حنيفة بل وفي غيرها يساوي الاجتهاد
( 1 ) تاريخ بغداد ج 13 / 387 - 390 .
( 2 ) راجع هذه النصوص وغيرها في تاريخ بغداد للخطيب ج 13 / 387 - 390 وكتاب المجروحين لبستى ج 3 / 65 كما في مقدمة مرآة العقول ج 2 .
( 3 ) راجع ذلك في كتاب المحلى لابن حزم ج 7 / 81 و 111 وج 8 / 351 وج 10 / 360 وبداية المجتهد ومقدمة مرآة العقول ج 2 / 40 - 46 ( * ) .
- ص 15 -
وهما بمعنى واحد يقول مصطفى عبد الرزاق : " فالرأي الذي نتحدث عنه هو الاعتماد على الفكر في استنباط الأحكام الشرعية وهو مرادنا بالاجتهاد " ( 1 ) .
وهذا الاجتهاد عندهم على الأقل عدل للكتاب والسنة فكما انهما مدركان للأحكام الشرعية كذلك الرأي يقول الدواليبي في تقسيم الاجتهاد إلى ثلاثة :
أولا : البيان والتفسير لنصوص الكتاب والسنة .
ثانيا : القياس على الأشباه في الكتاب والسنة .
ثالثا : الرأي الذي لا يعتمد على نص خاص وانما على روح الشريعة . . " ( 2 ) .
ولعل الفقر العلمي الذي حصل لديهم وذلك من ان التلقي للأحاديث ومن مصدرها قد انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه واله لهذا مست الحاجة إلى مثل هذه الأمور بعكسه لمدرسة أهل البيت مثلا التي ترى ان الأئمة عليهم السلام هم استمرار لحركة الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وهم قد حفظوا جميع آثاره وهم لسانه الناطق فبوجودهم عليهم السلام لا تحتاج شيعتهم إلى الرأي والقياس وما شاكلهما .
[ مدرسة الحديث ]
ولما انتشرت مدرسة الرأي خرجت في قبالها مدرسة الحديث وقد أخذت هذه موقفا عكسيا لمدارس الرأي فقد اعتمدت هذه على ظواهر الحديث وشجبت جميع القضايا العقلية كالقياس والاستحسان والرأي وتعبدت بظواهر النصوص وكان من المؤيدين إلى هذه المدرسة الإمام مالك بن أنس ثم تم تشييدها على يد داود بن علي الظاهري المتوفى سنة 270 ه وسمي بالظاهري
( 1 ) تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ص 138 . ( 2 ) المدخل إلى علم أصول الفقه ص 55 ( * )
- ص 16 -
لأنه كان يعتمد على ظواهر الكتاب والسنة ولم يعتمد على الإجماع الا إذا اتفق جميع العلماء على الحكم .
وهذه المدرسة لم تتمكن من مصارعة مدرسة الرأي بالرغم من وجود علماء وأنصار لها كابن حزم الأندلسي فقد انقرضت هذه المدرسة في القرن الثامن الهجري .
[ مدرسة أهل البيت : ]
ان مدرسة أهل البيت في تلقي الأحكام الإلهية ونشرها لها مميزاتها ومباديها الخاصة ولها الاستقلالية التامة عن جميع المدارس الأخرى التي حدثت وتعتقد ان الأحكام الشرعية يجب أن تكون من مصدر الهي ومن منبع الرسالة المحمدية لا غير وان علومهم علوم جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله ولهذا كثيرا ما يكررون ويؤكدون ان حديثهم هو حديث جدهم سواء أسندوها إليه أم لا ، وانهم لا يقولون بآرائهم بل علمهم موروث من جدهم إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ثم إلى الحسن ثم الحسين ثم الأئمة من بعده واحدا بعد واحد فمثلا علوم سيد العترة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام مأخوذة من علم الرسول صلى الله عليه وآله فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله : " ان الله علم رسول الله الحلال والحرام والتأويل وعلم رسول الله علمه كله عليا " ( 1 ) .
و ( سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام - الإمام الصادق - عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : أرأيت ان كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ فقال له : مه ما أجبتك من شئ فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله لسنا من أرأيت في شئ " ( 2 ) .
( 1 ) بصائر الدرجات ص 290 وسائل الشيعة ، وراجع ما يأتي في الكتاب من الأحاديث التي قد وردت عن طريق مدرسة الخلفاء بهذا الصدد ص 568 وغيرها .
( 2 ) الكافي ج 1 / 58 ( * ) .
- ص 17 -
وفي حديث آخر للإمام الصادق عليه السلام : " مهما أجبتك فيه بشئ فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله لسنا نقول برأينا من شئ " ( 1 ) .
وغيرهما من عشرات الأحاديث في هذا الموضوع التي تؤكد ان مصدرهم هو جدهم الأعظم .
[ موقف مدرسة أهل البيت من الرأي : ]
ان مدرسة أهل البيت عليهم السلام وقفت من القياس والرأي والاستحسان موقفا سلبيا بل ومن الاجتهاد الذي يساوي الرأي وأنكرته أشد الإنكار .
فقد ورد عنهم " ان دين الله لا يصاب بالمقائيس " و " ان دين الله لا يصاب بالقياس " وقالوا " ان السنة لا تقاس ألا ترى ان امرأة تقضى صومها ولا تقضى صلاتها يا أبان ان السنة إذا قيست محق الدين " ( 2 ) .
وكان موقف الإمام الصادق عليه السلام من مدرسة الرأي واضحا فقد أنكر على رائديها وخصوصا أبي حنيفة وقد وصلت عدة مناقشات بين الإمام الصادق وأبي حنيفة حصلت الغلبة فيها للصادق عليه السلام ( 3 ) .
وكذلك علماء مدرسة أهل البيت أنكروا العمل بالرأي والاجتهاد الذي يساويه . وقد ألفوا الكتب في الرد على من عمل بالرأي أو القياس قبل الغيبة الصغرى
( 1 ) بصائر الدرجات ص 301 .
( 2 ) راجع هذه الأحاديث في الكافي ج 1 / 56 و 57 .
( 3 ) حلية الأولياء ج 3 / 196 وابطال القياس لابن حزم ص 71 وسائل الشيعة ج 19 / 468 باب 44 من أبواب الديات . ( * )
- ص 18 -
وبعدها ، فقد صنف عبدالله بن عبدالرحمن الزبيري كتابا أسماه : " الاستفادة في الطعون على الأوائل والرد على أصحاب الاجتهاد والقياس " وصنف هلال بن أبي الفتح المدني كتابا في الموضوع باسم : " الرد على من رد آثار الرسول واعتمد على نتائج العقول " ( 1 ) .
وكان الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد المرتضى ينكرون الاجتهاد والرأي والقياس والاستحسان وان هذه الامور ليست من مذهب الإمامية ( 2 ) .
ولهذا أنكروا على ابن أبي الجنيد عمله بالقياس إلى حد رفضوا فتاويه مع ان الشيخ المفيد والسيد المرتضى من كبار المجتهدين . فيعرف من هذا ان الاجتهاد له مفهومان : مفهوم خاص ومفهوم عام
اما المفهوم الخاص : للاجتهاد فهو المفهوم الذي يساوي الرأي أو القياس أو الاستحسان يقول الشافعي . " في القياس ؟ أهو الاجتهاد أم هما مفترقان قلت : هما اسمان بمعنى واحد " ( 3 ) وهذا الاجتهاد هو الذي كانت تأخذ به مدارس الرأي والتي تجعله مصدرا ودليلا للأحكام الشرعية كالكتاب والسنة ، وهذا بعينه الاجتهاد المرفوض لدى مدرسة أهل البيت وعلمائها رفضا باتا سواء كان في قباله نص صريح أم لا ولعل بعض الأبحاث التي دار الحديث عنها في داخل الكتاب يكون من مصاديقه .
( 1 ) رجال النجاشي ، المعالم الجديدة للأصول ص 24 .
( 2 ) المعالم الجديدة ص 25 ، الذريعة للسيد المرتضى ج 2 / 308 ، الجواهر ج 40 / 89 .
( 3 ) الرسالة للشافعي ص 477 ( * ) .
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 3 : -
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 3 : -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين باري الخلائق أجمعين الذي سن لهم أحكاما وتشريعات تعود عليهم بالنفع في عاجل الدنيا وآجل الآخرة وجعلها طبقا لمصالح وعلل لا يعلمها الا هو ومن ارتضاه من رسله وعباده المخلصين .
والصلاة والسلام على منقذ البشرية من الظلمات إلى النور ، الذي حلاله حلال أبدا إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة ، الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ، وعلى آله الغر الميامين أمناء الله على دينه ومهبط وحيه ومعدن رحمته وخزان علمه . . والذين هم منتهى الحلم وأصول الكرم وقادة الأمم وأولياء النعم وعناصر الأبرار ودعائم الأخيار وساسة العباد وأركان البلاد وأبواب الإيمان ، حجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى المظهرين لأمر الله ونهيه وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون .
- ص 4 -
[ الحرية : ]
الحرية هو شعار ، كثيرا ما دفعته أديان ومذاهب وأحزاب وقوميات و شخصيات في العصر الحديث وفي العصر القديم وجعل هذا الشعار هدفا و مقصدا للإنسان يسعى لتحقيقه ويتغنى به ، وإذا أراد الإنسان أن يبحث عن المبدأ أو الفئة التي أعطت للإنسان حريته وسعادته المنشودة لم يجد لها عين ولا أثر على وجه البسيطة حتى المذاهب التي اتخذت الحرية شعارا أساسا لها كالرأسمالية الغربية أو الاشتراكية الشرقية والذي يوجد عندها انما هو لفظ الحرية ومصداق العبودية بمعنى الكلمة وبما يحمل اللفظ من معنى لهذا رجع الإنسان من هذين المذهبين بل والمذاهب الأخرى الوضعية بخفي حنين الا العبودية الذليلة .
الإنسان لا يجد حريته وسعادته الا في الإسلام وهو الدين والمبدأ الوحيد الذي ضمن للإنسان سعادته وحريته الحقيقية في جميع المجالات : المبدأية والاقتصادية والأخلاقية الفردية والاجتماعية ، وهذه هي الحرية التي تعلو به إلى ما يتناسب مع إنسانيته وكرامته بل وتعلو به إلى أعلى عليين حتى تقربه من مولاه .
[ حرية الفكر في الإسلام : ]
من جملة الحريات التي منحها الإسلام للإنسان هي حرية الفكر ودعاه وحثه على التفكر في جميع المجالات بما فيها الكون والحياة والآخرة وما سوف يؤول إليه وأشار إلى حقيقة قد تخفى على الإنسان وهي ان الذي يستفيد من الكون والحياة ويكون على سبيل نجاة هو الذي يفكر فيما حوله ( إِنَّ
- ص 5 -
فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ . . ) ( 1 ) .
وان الذي يأخذ عبرة من ذلك هو الإنسان المفكر قال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ( 2 ) .
وفي الحث على الفكر وحريته فضله على كثير من العبادات فقد روي عن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله قوله : " فكرة ساعة أفضل من عبادة سنة " ( 3 ) .
وأرجحية التفكر على العبادة ليس الا لان في التفكر ميزة خاصة لا توجد في كثير من العبادات الجوفاء عن المعرفة والهداية . تلك الميزة هي الوصول إلى الحقيقة فكم إنسان قد اهتدى إلى الإسلام أو من الفسق والعصيان إلى الإيمان وخرج من الظلمات إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة . لانه استعمل فكره وعقله لفترة من الزمن وقد لا تتجاوز الساعات أو الدقائق فيرتبط مصيره بهذه اللحظات القيمة .
والشواهد على ذلك كثيرة جدا فالنقتبس من باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله بعضها قال عليه السلام : " فكرك يهديك إلى الرشاد ، ويحدوك على إصلاح المعاد " ( 4 ) .
وقال أيضا : " لكل شئ دليل ودليل العاقل التفكر " ( 5 ) .
وقال عليه السلام : مشيرا إلى انه كل ما كان تفكير الإنسان أكثر وأعمق كان صوابه
( 1 ) سورة آل عمران : 190 - 191 .
( 2 ) الجاثية : 13 .
( 3 ) البحار 71 / 326 . ( 4 ) غرر الحكم ص 227 .
( 5 ) تحف العقول ص 285 ( * ) .
- ص 6 -
وقربه إلى الحق أكثر وكل ما قل تفكيره كثر خطائه وقرب نحو الباطل " طول الفكر يحمد العواقب ، ويستدرك فساد الأمور " ( 1 ) .
وقال عليه السلام : " تفكرك يفيدك الاستبصار ويكسبك الاعتبار " ( 2 ) .
وقال عليه السلام : " من فكر قبل العمل كثر صوابه " ( 3 ) .
[ المبدأ الأول وحرية الفكر : ]
والإسلام حينما دعى إلى حرية الفكر وحث عليه لم يكن ذلك من باب التسلية والشعار الفارغ وانما رتب على ذلك الأثر كبقية الحقائق التي يدعو إليها . فأهم شئ في وجهة نظر الإسلام بل في الوجود ككل هو معرفة المبدأ الأول المنشئ لهذا الكون بما فيه وهذه الحياة التي يعيشها الإنسان على هذا الكوكب .
فالإسلام ابتدأ مع الإنسان من هذه المهمة التي هي أول ما يحتاجه الإنسان ولا يمكن أن يستقل عنها أو ينفصل عن فيضها ولو لحظة واحدة ، فنبه الإسلام الإنسان على أنه لابد له من الاعتراف بوجود الله سبحانه وعدالته من طريق العقل الحر والتفكير العميق ولا يكفي التقليد فيه وكذلك بقية أصول الدين كالنبوة والإمامة والمعاد يلزم أن يعترف بها من طريق فكره وأدلتها متوفرة لجميع الناس مهما اختلفت مستوياتهم ويكتفي من كل بحسب حاله ، والآيات والروايات التي تتحدث كأدلة ليست الا محض ارشاد والا لحصلت المصادرة .
وهذا لا يمنع من ان الإسلام اتخذ موقفا آخر بالنسبة إلى فروع الدين فقد فسح المجال للتقليد فيها لمن ليس أهلا للنظر والفحص وذلك لكثرتها وتشعب
( 1 ) غرر الحكم ص 208 . ( 2 ) غرر الحكم ص 157 . ( 3 ) غرر الحكم ص 277 ( * ) .
- ص 7 -
أدلتها خصوصا مع البعد الزمني عن عصر الرسالة وتوقف النظام الاجتماعي لو اشتغل الكل بتحصيل كل ما يحتاجه من مسائل الفقه .
[ حرية اختيار الإسلام : ]
بعد أن عرفنا ان معرفة المبدأ الأول لابد أن يكون من طريق العقل وحريته التامة . نعرف ان كل شئ مهما سما فهو دون المولى سبحانه حتى الإسلام فاختياره يكون بتفكر الإنسان وبحثه وتدقيقاته ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) وعندما يستعمل عقله فالنتيجة هي الاعتراف بالإسلام ومباديه لهذا نرى ان الإسلام يعطي الإنسان حرية التفكير في بحثه وهو مطمأن ان النتيجة هو الوصول إلى الحقيقة والواقع وتراه يضع للإنسان الداعية الطرق الحكيمة والخلقية عندما يدعو الإنسان غيره ولا يحتاج لان يستعمل الأساليب الملتوية من الكذب والغش والبهتان والشتم والتعصب الأعمى ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ( 1 ) ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ( 2 ) .
واننا على علم ويقين تأمين ان الإنسان مهما كان إذا استعمل فكره ولم يتعصب إلى فكرة معينة أو تقليد أعمى لأبويه أو لبيئته التي يعيش فيها أو لحزب ينتمي إليه أو لمذهب ينتسب إليه وصار موضوعيا في فكره وبحثه وأخلص النية لله تعالى للحق في هدفه فانه سوف يصل إلى الحقيقة وتنكشف له كما سوف يتعرف على الباطل وموارد الاشتباه والالتباس عليه وذلك بعون الله وحسن لطفه وعنايته .
( 1 ) النحل : 125 . ( 2 ) العنكبوت : 46 ( * ) .
- ص 8 -
[ منزلة العقل في الإسلام : ]
فإذا عرفنا هذه الأهمية الكبرى للفكر في الإسلام نعرف أهمية العقل في حياة الإنسان وسعادته ووصوله إلى الواقع . فان العقل أداة الفكر الذي يفكر بها الإنسان وقد وردت النصوص الكثيرة في مدح العقل وجعله حجة على الناس كما ان الرسل حجة عليهم .
قال الإمام الكاظم عليه السلام : " يا هشام ان لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة وحجة باطنة . فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة عليهم السلام ، وأما الباطنة فالعقول " ( 1 ) .
بل جعل التمييز بين الخير والشر والنزوع عن الشر انما هو بالعقل . فقد روي عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله : " انما يدرك الخير كله بالعقل ولا دين لمن لا عقل له " ( 2 ) .
وهكذا يتتابع المدح والثناء على العقل وما يلازمه من العلم والتفقه ( انما يخشى الله من عباده العلماء ) ( 3 ) .
وقال الإمام الكاظم عليه السلام : " تفقهوا في دين الله فان الفقه مفتاح البصيرة " ( 4 ) .
وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : " أيها الناس لا خير في دين لا تفقه فيه " ( 5 ) .
( 1 ) الكافي ج 1 / 16 .
( 2 ) تحف العقول ص 44 . ( 3 ) فاطر : 28 .
( 4 ) تحف العقول ص 302 . ( 5 ) البحار ج 70 / 307 ( * ) .
- ص 9 -
[ الموضوعية عند أهل البيت : ]
لا نعجب لما نرى أئمة الهدى من آل الرسول صلى الله عليه وآله ان هدفهم هو الوصول إلى الحق مهما كان طريقه مرا وشائكا وكأودا واننا بملاحظة تعاليمهم عليهم السلام وتربيتهم لأمة جدهم نرى أروع الأمثلة في الموضوعية والتجرد عن التقليد الأعمى والتعصب الجاهلي فمثلا نقرأ قول الإمام الهادي عليه السلام في مناجاته لربه وتضرعه إليه : " اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي إليك . . " .
فالميزان ليس الحسب أو النسب أو العشيرة أو تقليد الآباء مهما بلغوا في عظمتهم وشهرتهم بل المقصد هو الوصول إلى الحق سبحانه والقرب إليه من أي طريق وبأي ثمن وانما يجب التمسك بالمبدأ المعين إذا كان موصلا إلى الله تعالى ومقربا نحوه والا لا قيمة له ، فالإمام الهادي عليه السلام يفترض - وفرض المحال ليس بمحال - انه لو وجد شخص أقرب إلى الله من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله لوجب التمسك به ، وهذا غاية الموضوعية والإخلاص إلى الله سبحانه .
* * *
وان الموضوعية في الأبحاث مهما كانت قد تبدو حساسة وشائكة وصعبة الا انها سوف تكون عاملا مساعدا للوحدة ولم شعث الأمة الإسلامية ورص صفوفها في قبال الكفر العالمي ، وأما السكوت عن القضايا المذهبية والخلافية أو إثارتها بالشتم والكذب والبهتان والتعصب فانه لن يجدي نفعا للأمة الإسلامية ووحدتها وعزها وكرامتها ، بل يجب أن تتوحد الصفوف وتنصهر وتحابب القلوب مهما كان بينها من خلاف أو تعدد في المذاهب والأفكار وتكون كالجسد
- ص 10 -
الواحد يتألم بعضه لبعض لتعود خير أمة أخرجت للناس .
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا من جملة الكتب التي تعرض القضايا العلمية والتاريخية والفقهية والكلامية ويبحثها بحثا موضوعيا بعيدا عن التعصب المذهبي أو الطائفي بل أعطى للفكر مجاله في مناقشات الأبحاث التي تعرض لها .
وأول ما يلفت انتباهنا هو عنوان الكتاب ( النص والاجتهاد ) فماذا يراد بهذين اللفظين وما هو مقدار الصلة والتقابل بينهما .
لمتبعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 66 : -
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 66 : -
[ المورد ( 8 ) نحلة الزهراء : ]
وذلك أن الله عز سلطانه لما فتح لعبده وخاتم رسله حصون خيبر ، قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك فنزلوا علي حكم رسول الله صلي الله عليه وآله صاغرين ، فصالحوه عن نصف أرضهم ( 1 ) فقبل ذلك منهم أفكان نصف فدك ملكا خالصا لرسول الله صلي الله عليه وآله إذ لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب ، وهذا مما
( 1 ) وقيل : بل صالحوه على جميعها ( منه قدس ) ( * ).
- ص 67 -
أجمعت الأمة عليه بلا كلام لأحد منها في شئ منه ( 95 ) . ثم لما أنزل الله عزوجل عليه ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) أنحل فاطمة فدكا ، فكانت في يدها ( 96 ) حتى انتزعت منها لبيت المال .
هذا ما ادعته الزهراء بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وأوقفت في سبيله موقف المحاكمة بإجماع الأمة ، واليك ما جاء في محاكمتها :
قال الإمام فخر الدين الرازي : فلما مات رسول الله صلي الله عليه وآله ادعت فاطمة عليها السلام أنه كان ينحلها فدكا ، فقال لها أبو بكر : أنت أعز الناس علي
( 95 ) فدك ملك لرسول الله صلي الله عليه وآله : راجع : السيرة النبوية لابن هشام ج 2 / 353 ، فدك للقزويني ص 29 ، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 16 / 210 ، تاريخ الطبري ج 3 / 20 ، الكامل في التاريخ ج 2 / 224 وج 2 / 152 ط آخر ، معجم البلدان للحموي مادة - فدك - ج 4 / 238 - 240 ، وفاء الوفاء ج 3 997 و 998 ، فدك في التاريخ ص 20 ، فتوح البلدان للبلاذري ص 42 و 43 ، سنن أبى داود ج 2 / 47 باب صفايا رسول الله ك الخراج ، الأموال لأبي عبيد ص 9 ، سيرة ابن هشام ج 2 / 408 ، الاكتفاء ج 2 / 259 ، الأحكام السلطانية للماوردى ص 170 ، الأحكام السلطانية لأبي يعلي ص 185 ، المغازي للواقدي ص 706 ، أمتاع الأسماع ص 331 ، مقدمة مرآة العقول ج 1 / 133 ، شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 / 338 و 443 .
( 96 ) أئمة أهل البيت وشيعتهم كافة لا يرتابون في أن رسول الله صلي الله عليه وآله أنحل بضعته الزهراء ما كان خالصا له من فدك ، وانه كان في يدها حتى انتزع منها ، وحسبك قول أمير المؤمنين عليه السلام فيما كتبه لي عامله في البصرة عثمان بن حنيف : بلي كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، ونعم الحكم الله . . لي آخر كلامه وهو في نهج البلاغة ، وفى معناه نصوص متواترة عن أئمة العترة الطاهرة . والمحدثون الاثبات رووا بالإسناد لي أبى سعيد الخدري انه قال : لما نزل قوله تعلي ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) أعطى رسول الله فاطمة فدكا =>
- ص 68 -
فقرا ، وأحبهم إلي غنى ، لكني لا أعرف صحة قولك ( 1 ) فلا يجوز أن أحكم لك ، [ قال ] : فشهدت لها أم أيمن ومولي لرسول الله ( 2 ) فطلب منها أبو بكر الشاهد الذي يجوز قبول شهادته في الشرع فلم يكن . ( انتهى بلفظه ) ( 97 ) .
=> أخرجه الإمام الطبرسي في مجمع البيان فليراجع منه تفسير ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) وهى الآية 26 من سورة الإسراء . وتجد ثمة ان هذا الحديث مما ألزم المأمون برد فدك علي ولد فاطمة ( منه قدس ) .
فدك في يد فاطمة : راجع : شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 / 338 ح 467 و 468 و 469 و 470 و 471 و 472 و 473 ، الدر المنثور ج 4 / 177 ، مجمع الزوائد ج 7 / 49 ، تفسير الطبري ج 15 / 82 ط 2 ، ينابيع المودة للقندوزى ص 49 و 140 ط الحيدرية وص 119 ط اسلامبول ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 1 / 228 ، إحقاق الحق ج 3 / 549 ، فضائل الخمسة ج 3 / 136 ، التبيان في تفسير القرآن للطوسي ج 6 / 468 ، تلخيص الشافي له أيضا ج 2 / 121 ، مجمع البيان ج 6 / 411 : شرح النهج لابن أبى الحديد ج 16 / 268 و 275 ، كنز العمال ج 3 / 767 ح 8696 ، فتوح البلدان للبلاذري ص 46 - 47 ، مقدمة مرآة العقول ج 1 ص 133 ، السبعة من السلف ص 35 ، الميزان الذهبي ج 2 / 228 ط السعادة .
( 1 ) بجدك قل لي يا أبا بكر هل كنت في الواقع وحقيقة الأمر لا تعرف صحة قولها ولا سيما بعد أن شهدت بصحته أم أيمن وشهد به أمير المؤمنين وهل كنت تراهم جميعا من أهل الزور والعدوان أو أنهم كانوا جميعا من الخطأ بمكان كلا ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) ( منه قدس ) .
( 2 ) الشاهد لها مع أم أيمن انما هو أمير المؤمنين علي بن أبى طالب وهذا مما لا ريب فيه ، وكأن الرازي استفظع رد شهادة علي فلم يصرح باسمه احتراما له ولأبي بكر معا فكنى عنه بمولي رسول الله ( منه قدس ) .
( 97 ) فراجعه في تفسير آية الفئ من سورة الحشر تجده في ص 125 الجزء الثامن من تفسيره مفاتيح الغيب ( منه قدس ) =>
- ص 69 -
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ما هذا لفظه : ودعوى فاطمة أنه صلي الله عليه وآله نحلها فدكا لم تأت عليها إلا بعلي وأم أيمن فلم يكمل نصاب البينة . . إلي آخر كلامه ( 1 ) .
وهذا بعينه ما هو المنقول في هذا الموضوع عن ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من أعلام الجماعة ( 98 ) .
قلت : عفا الله عنا وعنهم ورضي عن أبي بكر الصديق وأرضى عنه فاطمة وأباها وبعلها وبنيها ، ليته آثر ما هو الأليق به فلم يوقف وديعة رسول الله صلي الله عليه وآله وهي ثكلي مواقفها تلك منه ، تارة في سبيل ارثها ، وأخرى في سبيل نحلتها ، وثالثة ورابعة في شؤون وشجون ، وليته لم يدعها تنقلب عنه راغمة يائسة ، ثم تموت مدلهمة هاجرة له فتوصي بما أوصت . سبحان الله وبحمده أين حلمه وأناته ؟ .
وأين نظره البعيد في عواقب الأمور ؟ .
وأين احتياطه علي ربح المسلمين ؟ .
فليته أتقى فشل الزهراء في مواقفها بكل ما لديه من سبل الحكمة ، ولو فعل لكان ذلك أحمد في العقبى ، وأبعد عن مظان الندم ، وأنأى عن مواقف
=> شهادة أم أيمن وغيرها : راجع : تفسير الفخر الرازي ج 29 / 284 ط 2 . وممن ذكر ان الشاهد مع أم أيمن هو أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام الذي مع الحق والحق معه يدور حيث دار . السمهودي في وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ج 3 / 999 .
( 1 ) فراجعه في آخر ص 21 أثناء كلامه في الشبهة السابعة من شبه الرافضة ( منه قدس ) .
( 98 ) راجع : وفاء الوفاء ج 3 / 999 ، فدك للقزويني ، كتاب الخراج لأبي يوسف 24 ، سنن النسائي ج 2 / 179 ، الأموال لأبي عبيد ص 332 ، تفسير الطبري ج 10 / 6 ، مقدمة مرآة العقول ج 1 / 151 ( * ) .
- ص 70 -
اللوم ، وأجمع لشمل الأمة ، وأصلح له بالخصوص . وقد كان في وسعة أن يربأ بوديعة رسول الله ووحيدته عن الخيبة ، ويحفظها عن ان تنقلب عنه وهي تتعثر بأذيالها ، وماذا عليه ، إذ احتل محل أبيها ، لو سلمها فدكا من غير محاكمة ؟ ! فان للإمام أن يفعل ذلك بولايته العامة ، وما قيمة فدك في سبيل هذه المصلحة ؟ ودفع هذه المفسدة .
وهذا ما قد تمناه لأبي بكر كثير من متقدمي أوليائه ومتأخريهم .
واليك كلمة في هذا الموضوع لعليم المنصورة الأستاذ محمود أبو رية المصري المعاصر ، قال : بقي أمر لابد أن نقول فيه كلمة صريحة : ذلك هو موقف أبي بكر من فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وما فعل معها في ميراث أبيها ، لانا إذا سلمنا بأن خبر الآحاد الظني يخصص الكتاب القطعي ، وأنه قد ثبت أن النبي صلي الله عليه وآله قد قال : " انه لا يورث " وانه لا تخصيص في عموم هذا الخبر ، فان أبا بكر كان يسعه أن يعطي فاطمة رضي الله عنها بعض تركة أبيها صلي الله عليه وآله كان يخصها بفدك ، وهذا من حقه الذي لا يعارضه فيه أحد ، إذ يجوز للخليفة أن يخص من يشاء بما شاء . قال : وقد خص هو نفسه الزبير بن العوام ( 1 ) ، ومحمد بن مسلمة وغيرهما ببعض متروكات النبي ( 2 ) .
علي ان فدكا هذه التي منعها أبو بكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان
( 1 ) وكان صهره علي أسماء أم عبدالله ( منه قدس ) .
( 2 ) قلت : وخص بنته أم المؤمنين بالحجرة فدفنته حين مات فيها لي جنب رسول الله ثم دفن فيها خليفته عمر برخصة منها ، فلما توفى الحسن ريحانة رسول الله أراد بنو هاشم تجديد العهد فيه بجده . فكان ما كان مما لست أذكره * فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر - فانا لله وانا إليه راجعون ( منه قدس ) ( * ) .
- ص 71 -
لمروان ( 99 ) هذا كلامه بنصه ( 100 ) .
ونقل ابن أبي الحديد عن بعض السلف كلاما مضمونه العتب علي الخليفتين والعجب منهما في مواقفهما مع الزهراء بعد أبيها صلي الله عليه وآله . قالوا في آخره : " وقد كان الأجل أن يمنعهما التكرم عما ارتكباه من بنت رسول الله فضلا عن الدين " . فذيله ابن أبي الحديد بقوله ( 1 ) : " وهذا الكلام لا جواب عنه " .
قلت : دعنا من مقتضيات التكرم ، ولننظر في المسألة من حيث مقتضيات المحاكمة فنقول : قد تمت الموازين الشرعية التي توجب الحكم للزهراء بنحلتها وكانت مع تمامها متعددة كما لا يخفى علي المنصفين من أولي الألباب .
وحسبهم منها علم الحاكم يومئذ ان هذه المدعية انما هي بمثابة من
( 99 ) عثمان يعطى فدكا لمروان بن الحكم . راجع : المعارف لابن قتيبة ص 195 ، تاريخ أبى الفداء ج 1 / 169 ، سنن البيهقي ج 6 / 301 ، العقد الفريد ج 4 / 283 ط لجنة التأليف والنشر ، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 / 198 ، الغدير للأميني ج 7 / 195 وج 8 / 236 - 238 ، وفاء الوفاء ج 3 / 1000 ، فدك في التاريخ ص 20 - 21 ، سنن أبى داود ج 2 / 49 . وقيل ان الذي أقطعها لمروان هو معاوية بن أبى سفيان : راجع : معجم البلدان للحموي ج 4 / 240 ، الغدير للأميني ج 7 / 195 ، وفاء الوفاء ج 3 / 1000 ، فدك في التاريخ ص 21 - 22 ، فتوح البلدان للبلاذري ص 46 .
( 100 ) وقد نشرته مجلة الرسالة المصرية في عددها 518 من السنة 11 فراجعه في ص 457 ( منه قدس ) . وقريب منه نقله في كتابه شيخ المضيرة أبو هريرة ص 169 ط 3 .
( 1 ) في ص 106 من المجلد الرابع من شرحه لنهج البلاغة حين أتى علي شرح قول أمير المؤمنين في كتابه لعثمان بن حنيف : بلي كانت في أيدينا فدك ( منه قدس ) ( * ) .
- ص 72 -
القدس تعدل بها مريم بنت عمران ( 1 ) وانها أفضل منها ( 101 ) وانها ومريم
( 1 ) بحكم النصوص الصريحة في السنن المتظافرة الصحيحة . فمنها ما أخرجه ابن عبد البر في ترجمة الزهراء من استيعابه وغيره من أعلام اثباتهم : ان النبي صلي الله عليه وآله عادها وهى مريضة فقال : كيف تجدينك يا بنية ؟ قالت : انى لوجعة وانه ليزيدني انى ملي طعام آكله ، قال : يا بنية أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين . قالت : يا أبة فأين مريم بنت عمران ؟ . قال : تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك ، أما والله لقد زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة اه ( منه قدس ) .
( 101 ) تفضيلها علي مريم عليها السلام أمر مفروغ منه عند أئمة العترة الطاهرة وأوليائهم من الإمامية وغيرهم ، وصرح بأفضليتها علي سائر النساء حتى السيدة مريم كثير من محققي أهل السنة والجماعة كالتقي السبكي ، والجلال السيوطي ، والبدر ، والزركشي ، والتقى المقريزي ، وابن أبى داود ، والمناوي فيما نقله عنهم العلامة النبهاني في فضائل الزهراء ص 59 من كتابه - الشرف المؤبد - وهذا هو الذي صرح به السيد أحمد زيني دحلان مفتى الشافعية ، ونقله عن عدة من أعلامهم وذلك حيث أورد تزويج فاطمة بعلي في سيرته النبوية فراجع ( منه قدس ) .
فاطمة الزهراء عليها السلام أفضل من مريم بنت عمران . راجع : نور الأبصار للشبلنجى ص 42 ط اليوسفية ، الاستيعاب بذيل الإصابة ج 4 / 364 ، حلية الأولياء ج 2 / 42 ، جالية الكدر في شرح منظومة البرزنجي ص 202 ، الأنوار المحمدية للنبهاني ص 150 ، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 / 79 ، مشكل الاثار ج 1 / 48 و 50 و 52 ، ذخائر العقبى ص 42 ، المعتصر من المختصر للباجى ج 2 / 247 تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 / 91 ، نظم درر السمطين ص 179 ، طرح التثريب ج 1 / 149 ، الإصابة ج 4 / 275 ، وسيلة المال ص 8 ، الثغور الباسمة للسيوطي ص 14 ، ينابيع المودة ص 174 ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 2 / 6 ، مشارق الأنوار للحمزواى ص 105 ، الشرف المؤبد ص ، رشفة الصادى ص 226 ، أعلام النساء لعمر كحالة ج 3 / 1215 ، كنز العمال ج 13 / 145 ( * ) .
- ص 73 -
وخديجة وآسية أفضل نساء الجنة ( 102 ) وانها والثلاث خير نساء العالمين ( 103 ) ، وهي التي قال لها رسول الله صلي الله عليه وآله :
( 102 ) أخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في ص 293 من الجزء الأول من مسنده ، ورواه أبو داود كما في ترجمة خديجة من الاستيعاب ، وقاسم بن محمد كما في ترجمة الزهراء من الاستيعاب أيضا ( منه قدس ) . راجع مسند أحمد بن حنبل ج 1 / 293 و 322 ط الميمنية بمصر ، الاستيعاب بهامش الإصابة ج 4 / 284 و 376 ط السعادة ، المستدرك للحاكم ج 3 / 160 ، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ج 3 / 160 وصححه ، ذخائر العقبى ص 42 ، أسد الغابة ج 5 / 447 ، الإصابة لابن حجر ج 4 / 378 ط السعادة وج 4 / 366 ط مصطفى محمد بمصر ، ينابيع المودة ص 172 و 173 و 198 و 246 ط اسلامبول وص 202 و 204 و 234 ط الحيدرية ، مشكل الاثار للطحاوي ج 1 / 48 ، الاعتقاد البيهقي ص 165 ، تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 / 92 ، تهذيب التهذيب للذهبي ص 134 ، كنز العمال ج 13 / 143 منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 284 ، الخصائص الكبرى للسيوطي ج 2 / 265 ، الجامع الصغير للسيوطي ج 1 / 168 ، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 / 214 ، البداية والنهاية لابن كثير ج 2 / 59 ، تهذيب التهذيب لابن حجر ج 12 / 441 ، طرح التشريب ص 169 ، إرشاد الساري ج 6 / 168 ، البيان والتعريف للحمزاوي ج 1 / 123 ، وسيلة المال ص 80 ، حسن الاسورة ص 31 ، أرجح المطالب ص 240 و 243 ، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 361 ، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 238 رقم 770 .
( 103 ) أخرجه أبو داود كما في ترجمة خديجة من الاستيعاب بالإسناد لي أنس ، ورواه عبد الوارث بن سفيان كما في ترجمة الزهراء وخديجة من الاستيعاب ( منه قدس ) . راجع : الاستيعاب بهامش الإصابة ج 4 / 284 و 285 و 377 ط السعادة وبذيل الإصابة ج 4 / 365 ط مصطفى محمد بمصر ، الإصابة لابن حجر العسقلاني ج 4 / 378 ط السعادة وج 4 / 366 ط مصطفى محمد بمصر ، أسد الغابة ج 5 / 437 ، ذخائر العقبى ص 44 ، ينابيع المودة ص 204 و 218 ط الحيدرية وص 173 ط اسلامبول ، تاريخ بغداد ج 9 / 404 ، البداية والنهاية ج 2 / 59 ، تفسير ابن كثير ج 2 / 224 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 284 ، كنز العمال ج 13 / 143 ، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 239 رقم 771 ( * ) .
- ص 74 -
" يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة " ( 104 ) .
( 104 ) أخرجه البخاري في ص 64 من الجزء الرابع من صحيحه ، ومسلم في فضائل فاطمة من الجزء الثاني من صحيحه ، والترمذي في الصحيح ، وصاحب الجمع بين الصحيحين وصاحب الجمع بين الصحاح الستة ، والإمام أحمد من حديث الزهراء ص 282 علي الجزء السادس من مسنده وابن عبد البر في ترجمتها من استيعابه ، ومحمد بن سعد في ترجمتها من الجزء الثامن من طبقاته ، وفى باب ما قاله النبي في مرضه من المجلد الثاني من الطبقات أيضا .
واللفظ الذي تسمعه للبخاري في آخر ورقة من كتاب الاستئذان من الجزء الرابع من صحيحه ، قال : حدثنا موسى عن أبى عوانة عن فراس ، عن عامر ، عن مسروق ، قال : حدثتني عائشة أم المؤمنين قالت : أنا كنا أزواج النبي عنده جميعا لم تغادر منا واحدة ، فأقبلت فاطمة تمشى لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلي الله عليه وآله فلما رآها رحب ، وقال : مرحبا بابنتي ، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم سارها فبكت بكاءا شديدا ، فلما رأى حزنها سارها الثانية ، إذا هي تضحك ، فقلت لها أنا من بين نسائه : خصك رسول الله صلي الله عليه وآله بالسر من بيننا ، ثم أنت تبكين ؟ ! فلما قام رسول الله صلي الله عليه وآله سألتها : عم سارك ؟ قالت : ما كنت لأفشي على رسول الله سره ، فلما توفى قلت لها : عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني ، قالت : أما الآن فنعم فأخبرتني . قالت : أما سارني في الأمر الأول فانه أخبرني ان جبرئيل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة ، وانه عارضني به العام مرتين ، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب ، فاتقى الله واصبري ، فاني نعم السلف انا لك ، قالت فبكيت بكائي الذي رأيت . فلما رأى جزعي سارني الثانية ، قال : يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ، أو نساء هذه الأمة أه .
قلت : ولفظه فيما ذكره ابن حجر في ترجمتها من الإصابة ، وغير واحد من المحدثين : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ؟ وكيف كان فالحديث صحيح ، والنص في تفضيلها صريح .
وأخرج ابن سعد في باب ما قاله النبي لها في مرضه من المجلد الثاني من طبقاته بالإسناد لي أم سلمة ، قالت : لما حضر رسول الله صلي الله عليه وآله الوفاة دعا فاطمة فناجاها فبكت ، ثم ناجاها فضحكت ، فلم أسألها حتى توفى =>
- ص 75 -
وقد علم المسلمون كافة ان الله عزوجل اختارها من نساء الأمة . كما اختار ولديها من الأبناء ، واختار بعلها من الأنفس ، فهم الخيرة مع رسول الله للمباهلة يوم أوحى الله سبحانه إليه ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) ( 105 ) .
=> رسول الله صلي الله عليه وآله فسألتها عن بكائها وضحكها فقالت : أخبرني انه يموت ، ثم أخبرني إني سيدة نساء أهل الجنة . الحديث أخرجه أيضا أبو يعلي - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة - بالإسناد لي أم سلمة ، ورواه عنها غير واحد من أهل الحديث ( منه قدس ) .
فاطمة الزهراء سيدة نساء المؤمنين : راجع : صحيح البخاري ك الاستئذان ب من ناجى بين يدي الناس ج 8 / 79 ط مطابع الشعب وج 4 / 96 ط الحلبي بحاشية السندي ، صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب - 15 - فضائل فاطمة ج 4 / 1905 ط بتحقيق محمد فؤاد ، سنن ابن ماجة ك الجنائز ب 64 ج 1 / 518 بتحقيق محمد فؤاد ، الاستيعاب بذيل الإصابة ج 4 / 363 ، أسد الغابة ج 5 / 522 ، التاج الجامع للأصول ج 3 / 371 ، حلية الأولياء ج 2 / 39 ، مسند أحمد ج 6 / 282 ، نور الأبصار للشبلنجى ص 45 ، مسند أبى داود الطيالسي ص 196 ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 8 / 26 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 360 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 156 ، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 / 54 ، مصابيح السنة للبغوي ج ص ، أسد الغابة ج 5 / 522 ، تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 / 94 ، الخصائص الكبرى للسيوطي ج 2 / 265 ، كنز العمال ج 12 / 110 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 97 ينابيع المودة ص 260 ، إحقاق الحق ج 10 / 27 ، مشكل الاثار ج 1 / 48 .
( 105 ) لنا في الفصل الأول من كلمتنا الغراء حول هذه الخصيصة - المباهلة - مباحث جمة يجدر بكل بحاثة أن يقف عليها ( منه قدس ) . سورة آل عمران آية : 61 . أجمعت الأمة السلامية ان الآية نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين =>
- ص 76 -
. . . . . . .
=> عليهم السلام راجع : صحيح مسلم كتاب الفضائل باب من فضائل علي بن أبى طالب ج 2 / 360 ط عيسى الحلبي وج 15 / 176 ط مصر بشرح النووي وج 7 / 120 ط محمد علي صبيح وج 4 / 1871 ط مصر بتحقيق محمد فؤاد ، صحيح الترمذي ج 4 / 393 وج 5 / 301 أفست بيروت ، شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 / 120 - 129 ح 168 و 170 و 171 و 172 و 173 و 175 ، المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج 3 / 150 وصححه ، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ، مناقب علي بن أبى طالب لابن المغازلي ص 263 ح 310 ، مسند أحمد ج 1 / 185 ط الميمنية وج 3 / 97 ح 1608 ط دار المعارف ، كفاية الطالب للكنجي ص 54 و 85 و 142 ط الحيدرية وص 13 و 28 - 29 و 55 و 59 ط الغرى ، ترجمة الإمام علي بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 21 ح 30 و 271 ، تفسير الطبري ج 3 / 299 و 300 و 301 ط 2 وج 3 / 192 ط الميمنية ، الكشاف للزمخشري ج 1 / 193 ط مصطفى محمد وج 1 / 368 - 370 ط بيروت ، تفسير ابن كثير ج 1 / 370 - 371 ، تفسير القرطبي ج 4 / 104 ط 3 ، أحكام القرآن للجصاص ج 2 / 295 ط 2 بتحقيق القمحاوى وادعى عدم الاختلاف في ذلك ، أحكام القرآن لابن عربي ج 1 / 115 ط السعادة وج 1 / 275 ط 2 ، التسهيل لعلوم التنزيل ج 1 / 109 ، فتح البيان في مقاصد القرآن ج 2 / 72 ، زاد المسير لابن الجوزي ج 1 / 399 ، فتح القدير للشوكاني ج 1 / 316 ط 1 وج 1 / 347 ط 2 ، تفسير الفخر الرازي ج 2 / 699 ط دار الطباعة العامرة بمصر وج 8 / 85 ط البهية ، تفسير أبى السعود بهامش تفسير الرازي ج 2 / 143 ط دار الطباعة بمصر ، جامع الأصول ج 9 / 470 ، تفسير الخازن ج 1 / 302 ، معالم التنزيل للبغوي بهامش تفسير الخازن ، تفسير الجلالين للسيوطي ج 1 / 33 ط مصر وص 77 ط بيروت ، تفسير البيضاوى ج 2 / 22 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 169 ، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 72 و 87 و 93 ط الميمنية وص 119 و 143 و 153 ط المحمدية وفى المورد الأول من هذه الطبعة حذف اسم الإمام الحسن عليه السلام وهو موجود في الطبعة الأولي ص 72 فراجع ، الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ص 5 ، السيرة الحلبية ج 2 / 212 ط البهية وج 2 / 240 ط محمد علي صبيح ، السيرة النبوية =>
- ص 77 -
فخرج رسول الله صلي الله عليه وآله كما نص عليه الإمام الرازي في تفسير الآية من تفسيره الكبير وعليه مرط من شعر اسود وقد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم : إذا انا دعوت فأمنوا . فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها ، فلا تباهلوهم فتهلكوا ، ولا يبقى علي وجه الأرض نصراني لي يوم القيامة ( 106 ) .
وأيضا أجمع المسلمون كافة علي ان الزهراء عليها السلام ممن أنزل الله عزوجل فيهم ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
=> لزين دحلان بهامش الحلبية ج 3 / 5 ط البهية ، المناقب للخوارزمي ص 60 و 97 ، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 110 ، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 4 / 108 ط 1 وج 16 / 291 ط مصر بتحقيق أبو الفضل ، أسد الغابة ج 4 / 26 ، الإصابة لابن حجر ج 2 / 509 ط السعادة وج 2 / 503 ط مصطفى محمد ، مرآة الجنان لليافعى ج 1 / 109 ، مشكاة المصابيح ج 3 / 254 ، البداية والنهاية ج 5 / 54 ولم يذكر أمير المؤمنين ، الرياض النضرة ج 2 / 248 ، فضائل الخمسة ج 1 / 244 ، إحقاق الحق للتستري ج 3 / 46 - 62 وج 9 / 70 - 71 ، شذرات الذهب ( الأئمة الاثنا عشر ) ص 53 ، فرائد السمطين ج 1 / 377 وج 2 / 23 وألف بخصوص هذه الآية عدة مؤلفات منها المباهلة للشيخ عبدالله السبيتى ط في النجف .
( 106 ) وهذا الحديث ذكره المفسرون والمحدثون وأهل السير والأخبار ، وكل من أرخ حوادث السنة العاشرة للهجرة وهى سنة المباهلة ، قال الرازي بعد إيراده في تفسيره الكبير : واعلم ان هذه الرواية كالمتفق علي صحتها بين أهل التفسير والحديث . قلت : أين كان الصديق عن هذه الوجوه يوم طالبته بالنحلة فرد دعواها ولم يقبل شهادة من شهد يومئذ منهم ( منه قدس ) . تفسير الرازي ج 8 / 80 ، الميزان في تفسير القرآن ج 3 / 222 - 244 ( * ) .
- ص 78 -
تَطْهِيرًا ) ( 107 ) .
( 107 ) كما فصلناه في الفصل الثاني من كلمتنا الغراء فليراجع بإمعان ( منه قدس ) . سورة الأحزاب آية : 33 . نزلت هذه الآية في النبي محمد صلي الله عليه وآله وأهل بيته وهم : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام يوجد ذلك في : صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب - فضائل أهل بيت النبي - ج 2 / 368 ط عيسى الحلبي وج 15 / 194 ط مصر بشرح النووي ، صحيح الترمذي ج 5 / 30 و 328 ط أفست دار الفكر وج 2 / 209 و 308 و 319 ط بولاق وج 13 / 200 ط آخر المستدرك للحاكم ج 3 / 133 و 146 و 147 و 158 وج 2 / 416 ، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ، المعجم الصغير للطبراني ج 1 / 65 و 135 ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 2 / 11 - 92 حديث : 637 و 638 و 639 و 640 و 641 و 644 و 648 و 649 و 650 و 651 و 652 و 653 و 656 و 657 و 658 و 659 و 660 و 661 و 663 و 664 و 665 و 666 و 667 و 668 و 670 و 671 و 672 و 673 و 675 و 678 و 680 و 681 و 686 و 689 و 690 و 691 و 694 و 707 و 710 و 713 و 714 و 717 و 718 و 729 و 740 و 751 و 754 و 755 و 756 و 757 و 758 و 759 و 760 و 761 و 762 و 764 و 765 و 767 و 768 و 769 و 770 و 774 ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 4 ط مصر و 8 ط بيروت وص 49 ط النجف ، ترجمة الإمام علي بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 185 ح 250 و 272 و 320 و 321 و 322 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 54 و 372 و 174 و 375 وقد صححه و 376 ط الحيدرية وص 13 و 227 و 230 وقد صححه و 231 و 232 ط الغرى ، مسند أحمد بن حنبل ج 1 / 330 وج 3 / 259 و 285 وج 4 / 107 وج 6 / 292 و 296 و 298 ، و 304 و 306 ط الميمنية وج 5 / 25 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر ، أسد الغابة ج 2 / 12 و 20 وج 3 / 413 وج 5 / 521 و 589 ، ذخائر العقبى ص 21 و 23 و 24 ، أسباب النزول للواحدي ص 203 ، المناقب للخوارزمي ص 23 و 224 ، تفسير الطبري ج 22 / 6 و 7 و 8 ط 2 ، الدر المنثور ج 5 / 198 و 199 ، أحكام القرآن للجصاص ج 5 / 230 ط عبد الرحمن =>
- ص 79 -
. . . . . . .
=> محمد وج 5 / 443 ط القاهرة ، مناقب علي بن أبى طالب لابن المغازلي ص 301 ح 345 و 348 و 349 و 350 و 351 ، مصابيح السنة للبغوي ج 2 / 278 ط محمد علي صبيح وج 2 / 204 ط الخشاب ، مشكاة المصابيح ج 3 / 254 ، الكشاف للزمخشري ج 1 / 193 ط مصطفى محمد وج 1 / 369 ط بيروت ، تفسير ابن كثير ج 3 / 483 و 484 و 485 ط 2 ، تفسير القرطبي ج 14 / 182 ، التسهيل لعلوم التنزيل ج 3 / 137 ، التفسير لمعالم التنزيل للجاوى ج 2 / 183 ، الإتقان في علوم القرآن ج 4 / 240 ط المشهد الحسينى بمصر وج 2 / 200 ط آخر ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 233 ، مطالب السؤل ج 1 / 19 و 20 ط النجف وص 8 ط طهران ، أحكام القرآن لابن عربي ج 2 / 166 ط مصر وج 3 / 1526 ط آخر ، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 8 ، الإصابة لابن حجر ج 2 / 502 وج 4 / 367 ط مصطفى محمد وج 2 / 509 وج 4 / 378 ط السعادة ، فرائد السمطين للحموينى ج 2 / 9 و 22 ، ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 63 ح 113 - 128 ، الصواعق المحرقة ص 85 و 137 ط الميمنية وص 141 و 227 ط المحمدية ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 96 ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 3 / 329 و 330 ط البهية وج 3 / 365 ط محمد علي صبيح ، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 104 و 105 و 106 ط السعيدية وص 97 و 98 ط العثمانية ، فتح القدير للشوكاني ج 4 / 279 ، نور الأبصار للشبلنجى ص 102 ط السعيدية وص 101 ط العثمانية وص 112 ط مصطفى محمد ، إحقاق الحق للتستري ج 2 / 502 - 547 ، فضائل الخمسة ج 1 / 224 - 243 ، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة ج 3 / 37 ط السعادة وج 3 / 37 ط مصطفى محمد ، ينابيع المودة للقندوزى ص 107 و 108 و 228 و 229 و 230 و 244 و 260 و 294 ط اسلامبول وص 124 و 125 و 126 و 135 و 196 و 229 و 269 و 271 و 272 و 352 و 353 ط الحيدرية ، العقد الفريد ج 4 / 311 ط لجنة التأليف والنشر بمصر وج 2 / 394 ط دار الطباعة العامرة وج 2 / 275 ط آخر فتح البيان في مقاصد القرآن ج 7 / 363 و 364 و 365 ، الرياض النضرة ج 2 / 248 ط 2 ، الأنوار المحمدية للنبهاني ص 434 ، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 360 ، الفضائل =>
- ص 80 -
وأنها ممن افترض الله مودتهم علي الأمة وجعلها أجر رسالته " ص " ( 108 ) .
=> لأحمد بن حنبل ترجمة الإمام الحسين ص 28 ح 57 ، ولأجل المزيد من المصادر ، وان أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين ، دون نساء النبي باعتراف أم سلمة زوجة الرسول وعائشة ، وان الرسول كان يمر علي باب علي وفاطمة ستة أشهر ويقرء الآية . راجع كل ذلك في كتابنا ( سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 36 رقم 69 طبع في بغداد وبيروت ) .
( 108 ) كما فصلناه في الفصل الثالث من كلمتنا الغراء ( منه قدس ) . إشارة لي قوله تعلي : " قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " سورة الشورى آية : 23 . هذه الآية نزلت في قربى الرسول وهم : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام . راجع : شواهد التنزيل للحسكاني ج 2 / 130 ح 822 و 823 و 824 و 826 و 827 و 828 و 832 و 833 و 834 و 838 ، مناقب علي بن أبى طالب لابن المغازلي ص 307 ح 352 ذخائر العقبى ص 25 و 138 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 172 ، تفسير الطبري ج 25 / 14 و 15 ط الميمنية وج 25 / 25 ط 2 ، تفسير الكشاف للزمخشري ج 3 / 402 ط مصطفى محمد وج 4 / 220 ط بيروت ، تفسير الفخر الرازي ج 7 / 405 - 406 ط الدار العامرة وج 27 / 166 ط عبدالرحمن محمد ، تفسير البيضاوي ج 4 / 123 ط مصطفى محمد وج 5 / 53 ط بيروت وص 642 ط العثمانية ، تفسير ابن كثير ج 4 / 112 ط 2 ، مجمع الزوائد ج 7 / 103 وج 9 / 168 ، فتح البيان في مقاصد القرآن ج 8 / 372 تفسير القرطبي ج 16 / 22 ، فتح القدير للشوكاني ج 4 / 537 ، الدر المنثور ج 6 / 7 ، تفسير النسفي ج 4 / 105 ، الصواعق المحرقة ص 101 و 135 و 136 ط الميمنية وص 168 و 225 ط المحمدية ، مطالب السؤل لابن طلحة ص 8 ط طهران وج 1 / 21 ط النجف ، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 11 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 91 و 93 و 313 ط الحيدرية وص 31 و 32 و 175 و 178 ط الغرى ، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 / 1 و 57 ، الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ص 5 و 13 ، إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 110 ، نظم درر السمطين ص 24 ، نور الأبصار ص 102 ط السعيدية وص 106 ط العثمانية ، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك للحاكم ج 3 / 172 ، =>
- ص 81 -
وأنها ممن تعبد الله الخلق بالصلاة عليهم ( 109 ) كما تعبدهم بالشهادتين في كل فريضة . ولله ما قاله - الإمام الشافعي - كما في الصواعق المحرقة وغيرها :
يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله -
كفاكم من عظيم القدر إنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له ( 110 )
وقال الشيخ ابن العربي - كما في الصواعق المحرقة وغيرها :
رأيت ولائي آل طه فريضة * علي رغم أهل البعد يورثني القربى
=> ينابيع المودة للقندوزى ص 106 و 194 و 261 ط اسلامبول وص 123 و 229 و 311 ط الحيدرية وج 1 / 105 وج 2 / 19 و 85 ط صيدا ، حلية الأولياء ج 3 / 201 ، الغدير للأميني ج 2 / 306 - 311 ط بيروت ، إحقاق الحق للتستري ج 3 / 2 - 22 وج 9 / 92 - 101 ، فضائل الخمسة ج 1 / 259 ، الأنوار المحمدية للنبهاني ص 434 .
( 109 ) وجوب الصلاة علي آل محمد في أثناء الصلاة الواجبة : راجع : الغدير للأميني ج 2 / 302 ، الصواعق لابن حجر ص 87 و 139 ط الميمنية وص 144 - 145 و 231 ط المحمدية ، تفسير الرازي ج 7 / 391 ط الدار العامرة بمصر ، ذخائر العقبى ص 19 ، المستدرك للحاكم ج 1 / 269 ، فضائل الخمسة ج 1 / 208 . ولأجل المزيد من المصادر وكيفية الصلاة علي آل محمد ونزول آية ( ان الله وملائكته . . ) راجع ( سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت تسلسل - 126 - ) .
( 110 ) أبيات الإمام الشافعي في حب أهل البيت : راجعها في : الصواعق المحرقة ص 88 ط الميمنية وص 146 ط المحمدية ، ينابيع المودة للقندوزى ص 354 ط الحيدرية وص 295 ط اسلامبول ، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 118 ط السعيدية وص 108 ط العثمانية ، الإتحاف بحب الأشراف ص 29 ، نور الأبصار للشبلنجى ص 105 ط السعيدية وص 103 ط العثمانية ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 3 / 332 ، الغدير للأميني ج 3 / 173 وغيرها من مصادر . ( * )
- ص 82 -
فما طلب الرحمن أجرا علي الهدى * بتبليغه إلا المودة في القربى ( 111 )
وقال العلامة النبهاني في كتابه الشرف المؤبد .
آل طه يا آل خير نبي * جدكم خيرة وأنتم خيار
أذهب الله عنكم الرجس أهل ال * بيت قدما فأنتم الأطهار
لم يسل جدكم علي الدين أجرا * غير ود القربى ونعم الاجار ( 112 )
وأيضا فان الزهراء لبرة الأبرار الذين قال الله عزوجل عنهم ( إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا ) الآيات ( 1 ) لي آخرها ( 113 ) .
( 111 ) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 101 ط الميمنية ، إسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الأبصار ص 117 .
( 112 ) الشرف المؤبد للنبهاني
( 1 ) أجمع أصحابنا الإمامية تبعا لائمتهم علي ان هذه الآيات انما نزلت في شأن علي وفاطمة والحسن والحسين بسبب صدقة منهم آثروا بها المسكين واليتيم والأسير علي أنفسهم في ثلاث ليال متوالية لم يذوقوا فيها الا الماء وصاموا أيامها الثلاثة وفاءا بنذرهم . والقضية هذه أرسلها الزمخشري في سورة الدهر من كشافه عن ابن عباس وأخرجها بالإسناد إليه كل من الإمام الواحدي في كتابه البسيط ، والإمام أبى إسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير ، والإمام أبى المؤيد موفق بن أحمد في كتابه الفضائل ، وأرسلها إرسال المسلمات في كتب المناقب جماعة من الثقات ، وفى الفصل الرابع من كلمتنا الغراء في تفضيل الزهراء تعليقات وتنبيهات ألفت إليها أولي البحث والتحقيق فلتراجع ( منه قدس ) .
( 113 ) الآيات في سورة الدهر آية : 5 - 22 . هذه الآيات نزلت في : علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام بمناسبة قصة النذر راجع ذلك في =>
- ص 83 -
وبالجملة فان للزهراء عليها السلام من منازل القدس عند الله عزوجل ورسوله صلي الله عليه وآله والمؤمنين ما يوجب الثقة التامة في صحة ما تدعي ، والطمأنينة الكاملة بكل ما تقول ، لا نحتاج في إثبات دعواها لي شاهد ، فان لسانها ليتجافى عن الباطل ، وحاشا الله أن ينطق بغير الحق ، فدعواها بمجردها تكشف عن
=> شواهد التنزيل للحسكاني ج 2 / 298 ح 1042 و 1046 و 1047 و 1048 و 1051 و 1053 و 1054 و 1055 و 1056 و 1057 و 1058 و 1059 و 1061 ، المناقب للخوارزمي ص 188 - 194 ، كفاية الطالب ص 345 - 348 ط الحيدرية وص 201 ط الغرى ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 312 - 317 ، نور الأبصار للشبلنجى ص 102 - 104 ط السعيدية وص 101 - 102 ط العثمانية ، الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) ج 19 / 130 ط 3 ، الكشاف للزمخشري ج 4 / 197 ط مصطفى محمد وج 4 / 670 ط بيروت وج 2 / 511 ط آخر ، روح المعاني للآلوسي ج 29 / 157 ، تفسير الفخر الرازي ج 13 / 243 ط البهية وج 8 / 392 ط الدار العامرة بمصر ، تفسير أبى السعود بهامش تفسير الرازي ج 8 / 393 ط الدار العامرة ، التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى ج 4 / 167 ، فتح القدير للشوكاني ج 5 / 349 ط 2 مصطفى محمد وج 5 / 338 ط 1 الحلبي ، الدر المنثور ج 6 / 299 تفسير الخازن ج 7 / 159 ، معالم التنزيل للبغوي بهامش تفسير الخازن ج 7 / 159 ، تفسير البيضاوي ج 5 / 165 ط بيروت وج 4 / 235 ط مصطفى محمد وج 2 / 571 ط آخر ، تفسير النسفي ج 4 / 318 ، أسد الغابة ج 5 / 530 ، أسباب النزول للواحدي ص 251 ، ذخائر العقبى ص 88 و 102 ، مطالب السئول لابن طلحة ج 1 / 88 ، العقد الفريد ج 5 / 96 ط 2 لجنة التأليف والنشر وج 3 / 45 ط آخر ، الإصابة لابن حجر ج 4 / 387 ط السعادة وج 4 / 376 ط مصطفى محمد ، اللآلي المصنوعة للسيوطي ج 1 / 370 ، الغدير للأميني ج 3 / 107 - 111 ، إحقاق الحق للتستري ج 3 / 158 - 169 وج 9 / 110 - 123 ، ينابيع المودة للقندوزى ص 93 و 212 ط اسلامبول وص 107 - 108 و 251 ط الحيدرية ، نوادر الأصول للحكيم الترمذي ص 64 ، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 / 21 وج 13 / 276 ، الرياض النضرة ج 2 / 274 و 302 ط 2 ، فضائل الخمسة ج 1 / 254 ( * ) .
- ص 84 -
صحة المدعى به كشفا تاما ليس فوقه كشف ، وهذا مما لا يرتاب فيه أحد ممن عرفها عليها السلام وأبو بكر من أعرف الناس بها وبصدق دعواها ولكن الأمر كما حكاه علي بن الفارقي وكان من أعلام بغداد . مدرسا في مدرستها الغربية ، وهو أحد شيوخ ابن أبي الحديد المعتزلي ، إذ سأله . فقال له : أكانت فاطمة صادقة - في دعواها النحلة - ؟ . قال : نعم . قال له - ابن أبي الحديد - : فلم لم يدفع لها أبو بكر فدكا وهي عنده صادقة ؟ فتبسم ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته . قال : لو أعطاها اليوم فدكا بمجرد دعواها لجأت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه حينئذ الاعتذار بشئ ، لأنه يكون قد سجل علي نفسه بأنها صادقة فيما تدعى كائنا ما كان من غير حاجة لي بينة ولا شهود " ( 114 ) .
قلت : وبهذا استباح أبو بكر رد شهادة علي بن أبي طالب لفاطمة بالنحلة وإلا فان يهود خيبر على لؤمهم وأن عليا دمرهم لينزهونه عن شهادة الزور وبهذا أيضا لا بسواه استنوق الجمل فاعتبر ذات اليد المتصرفة مدعيه فطالبها بالبينة انما هي عليه ، الأمر الذي علمنا أنه دبر بليل .
وما ينس فلا ينس قوله في مجابهة فاطمة لست أعلم صحة قولك مع أن قولها بمجرده من أوضح موازين الحكم لها بما ادعت . ولو تنازلنا عن هذا كله وسلمنا أنها كسائر المؤمنات الصالحات تحتاج في إثبات دعواها لي بينة ، فقد شهد لها علي وحسبها اخو النبي ومن كان منه
( 114 ) شرح النهج لابن أبى الحديد ج 16 / 284 ( * ) .
- ص 85 -
بمنزلة هارون من موسى ( 115 ) شاهد حق تشرق بشهادته أنوار اليقين وليس بعد اليقين غاية يطلبها الحاكم في المرافعات ولهذا جعل رسول الله صلي الله عليه وآله شهادة خزيمة بن ثابت كشهادة عدلين ( 116 ) ، ولعمر الله أن عليا أولي بهذا من خزيمة وغيره وأحق بكل فضيلة من سائر ابدال المسلمين .
ولو تنازلنا فسلمنا أن شهادة علي كشهادة رجل واحد من عدول المؤمنين فهلا استحلف أبو بكر فاطمة الزهراء بدلا عن الشاهد الثاني ، فان حلفت وإلا رد دعواها ، ما رأيناه فعل ذلك ! وانما رد الدعوى ملغيا شهادة علي وأم أيمن ( 117 ) وهكذا كما ترى مما لم يكن بالحسبان ! بينا كان علي عدل
( 115 ) كما سوف يأتي مع مصادره . ( 116 ) شهادة خزيمة بشهادتين : راجع شرح النهج لابن أبى الحديد ج 16 / 273 ، فدك للقزويني ص 52 ، الإصابة ج 1 / 425 ، الاستيعاب بذيل الإصابة ج 1 / 416 ، أسد الغابة ج 2 / 114 ، كنز العمال ج 13 / 379 - 380 ، مسند أحمد بن حنبل ج 5 / 189 ط 1 .
( 117 ) هي مولاة النبي صلي الله عليه وآله وحاضنته اسمها بركة بنت ثعلبة وكان صلي الله عليه وآله يقول : أم أيمن أمي بعد أمي . وكان إذا نظر إليها يقول : هذا بقية أهل بيتى . وقد أخبر عنها ( كما في ترجمتها من الإصابة ) إنها من أهل الجنة . وترجم لها ابن حجر في إصابته ، وابن عبد البر في استيعابه وكل من ترجم للصحابة من أهل المعاجم فأثنوا عليها بامتيازها في الدين والعقل وحسن السيرة ، وابنها أيمن استشهد بين يدي رسول الله صلي الله عليه وآله في غزوة خيبر فاحتسبته عند الله صابرة تبتغى الأجر والمثوبة ( منه قدس ) .
شهادة علي وفاطمة وأم أيمن لفاطمة الزهراء : شرح النهج لابن أبى الحديد ج 16 / 214 و 216 و 225 ، فدك للقزويني ص 45 السيرة الحلبية ج 3 / 390 ، معجم البلدان للحموي ج 4 / 239 ، وفاء الوفاء ج 3 999 /و 1000 ، فتوح البلدان للبلاذري ص 44 . كفاية شاهد ويمين : صحيح مسلم ك الاقضية ب - 2 - ج 3 / 1337 ، كنز العمال ج 3 / 23 ح 17786 ( * ) .
- ص 86 -
القرآن في الميزان ( 118 ) وكان مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان ( 119 ) وهو في آية التباهل نفس المصطفى ليس غيره إياها ( 120 ) إذا هو في هذه المحاكمة ممن لا أثر لشهادتهم .
يالها مصيبة في الإسلام تلقيناها بقولنا إنا لله وإنا إليه راجعون .
( 118 ) اشارة لي الحديث المستفيض وقد أخرجه أصحاب الصحاح وغيرهم - حديث الثقلين - أعنى قوله صلي الله عليه وآله إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي . ولا كلام في ان أمام العترة وسيدها انما هو علي عليه السلام ( منه قدس ) . تقدمت مصادر حديث الثقلين تحت رقم - 15 - فراجع .
( 119 ) اشارة لي قوله صلي الله عليه وآله من حديث أم سلمة إذ قالت : سمعت رسول الله يقول : " علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض . أخرجه الحاكم في باب علي مع القرآن والقرآن مع علي ص 124 من الجزء الثالث من مستدركه وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأورده الذهبي في تلخيصه مصرحا بصحته .
وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله في مرض موته والحجرة غاصة بأصحابه : أيها الناس يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بى وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم الا أنى مخلف فيكم كتاب ربى عزوجل وعترتي أهل بيتي . ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال : هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان . " ( الحديث ) تجده في الفصل 2 من الباب 9 من الصواعق المحرقة ص 75 فراجع ( منه قدس ) .
حديث الثقلين وكون علي مع القرآن والقرآن معه : راجع : المعجم الصغير للطبراني ج 1 / 55 ، المناقب للخوارزمي ص 110 ، كفاية الطالب ص 399 ط الحيدرية وص 254 ط الغرى ، مجمع الزوائد ج 9 / 134 ، الصواعق المحرقة ص 122 و 124 ط المحمدية وص 74 و 75 ط الميمنية ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 173 ، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 157 ط السعيدية وص 143 ط العثمانية ، نور الأبصار للشبلنجى ص 73 ط السعدية ، الغدير للأميني ج 3 / 180 ، ينابيع المودة للقندوزي ص 40 و 90 و 185 و 237 و 283 و 285 ط اسلامبول وص 44 و 103 و 219 و 281 و 339 و 342 ط الحيدرية . راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم ( 11 ) .
( 120 ) البيت للشيخ كاظم الازري . ديوانه الازرية ، لأجل المزيد من الاطلاع حول فدك يراجع : مقدمة مرآة العقول ج 1 / 151 - 176 .
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 87 : -
النص والاجتهاد - السيد شرف الدين ص 87 : -
[ المورد - ( 9 ) - إيذاء الزهراء : ]
وذلك أنه بمجرده مخالف للنصوص الصريحة ، بقطع النظر عما كان من أسبابه ومقتضياته ( 1 ) ، وحسبك منها ما أخرجه ابن أبي عاصم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة - بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لفاطمة عليها السلام : " ان الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك " ( 121 ) .
قلت : وأخرجه الطبراني وغيره بإسناد حسن ، - كما في أحوال الزهراء من الشرف المؤبد للعالم النبهاني البيروتي -
( 1 ) فان المباح في أصل الشرع قد يكون مع استلزامه للحرام حراما وفروض ذلك في الإسلام كثيرة ، وأقربها لما نحن فيه انه يباح لك أن تصاحب من شئت من اخوانك المؤمنين وتتزوج من أردت من غير محارمك فإذا استلزم فعلك هذا عقوق والديك حرم ذلك عليك هذا هو الحكم التكليفي في هذه المسألة ونحوها فتأمل لتفهم ( منه قدس ) .
( 121 ) راجع : الإصابة ج 4 / 366 ، كنز العمال ج 12 / 111 وج 13 / 646 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 154 ، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 360 ، فرائد السمطين ج 2 / 46 ح 378 ، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 351 ح 401 ، أسد الغابة ج 5 / 322 ، تهذيب التهذيب ج 12 / 441 ، ذخائر العقبى ص 39 ، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 / 52 ، مجمع الزوائد ج 9 / 203 ، فضائل الخمسة ج 3 / 155 ، الغدير ج 3 / 180 ( * ) .
- ص 88 -
وأخرج الشيخان البخاري ومسلم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة وغيرها - عن المسور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر : " فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما رابها " ( 122 ) .
ونقل الشيخ يوسف النبهاني في أحوال الزهراء - من كتابه الشرف المؤبد - عن البخاري بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال : " فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها - قال النبهاني - : وفي رواية فمن أغضبها أغضبني " ( 123 ) ( قال ) وفي الجامع الصغير : " فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها " ( 124 ) .
قلت : وقد قالت - بأبي وأمي - لأبي بكر وعمر ( 1 ) . نشدتكما الله تعالى ألم تسمعا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : " رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من
( 122 ) راجع : صحيح البخاري ك النكاح ب ذب الرجل عن ابنته ج 7 / 47 ط مطابع الشعب ، صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب 15 فضائل فاطمة ج 4 / 1902 ط 2 بتحقيق محمد فؤاد ، صحيح الترمذي ك المناقب ب - 61 - فضل فاطمة ج 5 / 698 ح 3867 ، الإصابة ج 4 / 366 ، حلية الأولياء ج 2 / 40 ، سنن ابن ماجة ك النكاح ب 56 الغيرة ج 1 / 644 ح 1998 ، كنز العمال ج 12 / 107 و 112 .
( 123 ) غضب الرسول صلى الله عليه وآله لغضب فاطمة : راجع : صحيح البخاري ك فضائل الصحابة ب مناقب قرابة رسول الله ج 5 / 26 وب مناقب فاطمة ج 5 / 36 ط مطابع الشعب ، الجامع الصغير للمناوي ج 2 / 122 ، الشرف المؤبد للنبهاني .
( 124 ) الجامع الصغير للمناوي ج 2 / 122 ، كنز العمال ج 12 / 108 و 111 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 158 . ( 1 ) كما صرح به ابن قتيبة في أوائل كتابه الإمامة والسياسة وغير واحد من إثبات أهل السير والأخبار ( منه قدس ) ( * ) .
- ص 89 -
سخطي فمن أحب ابنتي فاطمة فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن اسخط فاطمة فقد أسخطني . قالا : نعم سمعناه من رسول الله " ( 125 ) .
قلت : ان من أمعن في هذه الأحاديث فتدبرها ممن يقدر رسول الله صلى الله عليه وآله حق قدره رآها ترمى إلى عصمتها لدلالتها بالالتزام على امتناع وقوع كل من أذيتها وريبتها وسخطها ورضاها وانقباضها وانبساطها في غير محله ، كما هو الشأن في أذية النبي صلى الله عليه وآله وريبته ورضاه وسخطه وانقباضه وانبساطه وهذا هو كنه العصمة وحقيقتها كما لا يخفى .
وأخرج جماعة من أئمتهم كالإمام احمد من حديث أبي هريرة قال ( 1 ) : نظر النبي إلى علي والحسن والحسين وفاطمة ، فقال " أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم " ( 126 ) .
( 125 ) قول فاطمة لأبي بكر وعمر : " نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : رضى فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي فمن أحب ابنتي فاطمة فقد أحبني ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني . قالوا : نعم سمعناه من رسول الله . قالت فأني أشهد الله وملائكته انكما أسخطتماني وما أرضيتماني ولئن لقيت النبي لاشكونكما إليه . . . الخ . راجع : الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص 14 ، فدك في التاريخ ص 92 .
( 1 ) كما في ص 442 من الجزء الثاني من مسنده ( منه قدس ) .
( 126 ) راجع : مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص 64 ، المستدرك للحاكم ج 3 / 149 ، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ، صحيح الترمذي ج 5 / 360 ط بيروت ، سنن ابن ماجة ج 1 / 52 ح 145 ، أسد الغابة ج 3 / 11 وج 5 / 523 ، ذخائر العقبى ص 25 ، الصواعق المحرقة ص 112 ط الميمنية وص 185 ط المحمدية ، مجمع الزوائد ج 9 / 166 و 169 ، كفاية الطالب للكنجي ص 330 و 331 ط الحيدرية وص =>
- ص 90 -
قلت وأخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير بالإسناد إلى أبي هريرة أيضا .
وأخرج الترمذي من حديث زيد بن أرقم - كما في ترجمة الزهراء من الإصابة أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال : " أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم " ( 127 ) .
وعن أبي بكر قال : رأيت رسول الله خيم خيمة ( 1 ) وهو متكئ على
=> 188 و 189 ط الغرى ، ينابيع المودة للقندوزي ص 35 و 165 و 172 و 194 و 230 و 261 و 294 و 309 و 370 ط اسلامبول ، شواهد التنزيل للحسكاني ج 2 / 27 ، المناقب للخوارزمي ص 91 ، مقتل الحسين للخوارزمي أيضا ج 1 / 61 و 99 ، المعجم الصغير للطبراني ج 2 / 3 ، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 / 271 ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 92 ، إحقاق الحق ج 9 / 161 - 174 ، كنز العمال ج 13 / 640 الفضائل لأحمد بن حنبل بترجمة الإمام الحسين ضمن مجموعة " الحسين والسنة " ص 10 ح 3 . وسوف يأتي مع مصادر أخرى تحت رقم ( 686 ) .
( 127 ) وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والضياء في مختارته والطبراني وابن شيبة عن زيد بن أرقم أيضا ، ورواه أبو يعلى في السنة ، والضياء في المختارة عن سعد ابن أبى وقاص ونقله جماعة من أعلام الفضل كالإمام علوي في ص 7 من الجزء 2 من قوله الفصل ( منه قدس ) . وراجع : الصواعق المحرقة ص 142 و 185 ط المحمدية وص 85 و 112 ط الميمنية ، الإصابة لابن حجر ج 4 / 378 ط السعادة ، ينابيع المودة ص 229 و 294 و 309 ط اسلامبول ، نظم درر السمطين ص 232 و 239 ، مصابيح السنة للبغوي ج 2 / 280 ، مشكاة المصابيح للعمري ج 3 / 258 ، ذخائر العقبى ص 23 ، الرياض النضرة ج 2 / 249 ط 2 .
( 1 ) لعل هذه الخيمة هي الكساء الذي جللهم به حين أوحى إليه فيهم : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وقد فصلنا ذلك في الفصل الثاني من المطلب الأول من كلمتنا الغراء في تفضيل الزهراء فليراجعها من أراد الشفاء من كل داء ( منه قدس ) ( * ) .
- ص 91 -
قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال صلى الله عليه وآله : " معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة حرب لمن حاربهم ، ولي لمن والاهم لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد " ( 128 ) .
رواه الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد المصري المعاصر بعين لفظه فليراجع في كتابه عبقرية محمد تحت عنوان النبي والإمام والصحابة .
وأخرج الإمام أحمد ( 1 ) عن عبد الرحمن الأزرق عن علي عليه السلام قال : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا نائم على المنامة فاستسقى الحسن أو الحسين ، قال : فقام النبي صلى الله عليه وآله إلى شاة لنا بكئ ( 2 ) فحلبها فدرت ، فجاءه الحسن فنحاه النبي صلى الله عليه وآله فقالت فاطمة : يا رسول الله كأنه أحبهما إليك . قال : لا ولكنه استسقى قبله ، ثم قال : اني وإياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة آه ( 129 ) .
( 128 ) راجع : فرائد السمطين ج 2 / 40 ح 373 ، المناقب للخوارزمي ص 211 سمط النجوم ج 2 / 488 ، الرياض النضرة ج 2 / 189 ط 1 ، الغدير للعلامة الأميني ج 4 / 323 .
( 1 ) في ص 101 من الجزء الأول من مسنده ( منه قدس ) .
( 2 ) أي قل لبنها وقيل انقطع وهذا الحديث أشار إليه صاحب لسان العرب في مادة بكا ( منه قدس ) .
( 129 ) كنز العمال ج 13 / 642 ، ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 117 ح 191 و 192 وقريب منه ح 182 ، فرائد السمطين ج 2 / 28 ، مسند أحمد ج 1 / 101 ط 1 وج 2 / 128 ح 792 ، الرياض النضرة ج 2 / 277 ، مجمع الزوائد ج 9 / 169 ، أسد الغابة ج 5 / 269 ، مسند أبى داود الطيالسي ص 29 رقم 190 ، ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 111 ط 1 ، الإصابة ج 4 / 157 في =>
- ص 92 -
قلت : كان من حقهم على الأمة ولاسيما على أهل الحول والطول منها أن لا يفاجأوا ( أبان رزيتهم الكارثة ) بما فوجئوا به من الاستئثار بمكانتهم في الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله والاستغناء عنهم حتى في المشورة مع شدة الوطأة عليهم في أمر البيعة والتنمر لهم في فيئهم وخمسهم وارثهم ونحلتهم وسوقهم مع سائر الرعايا بعصا واحدة والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر . وكان المستولون على الأمة يومئذ ومقوية سلطانهم ابرموا أمرهم على وجه لم يبقوا لأحد من الأمة أن يخالف الا أن تشق عصا المسلمين وبهذا آمنوا من مقاومة علي وأوليائه وتفصيل ذلك كله في كتاب المراجعات فلا يفوتن أهل البحث والتدقيق ( 130 ) .
وكان من مبادئ القائمين بالأمر إذ ذاك شدة الوطأة في تنفيذ الأحكام من غير فرق بين القريب والبعيد والشريف والدنئ وإيثار بيت المال بالوفر والثراء والمساواة بين أهل السوابق وغيرهم في الأحكام . وقد أعانهم على تنفيذ مبادئهم هذه بعدهم عن الطمع والاستكثار من حطام الدنيا وتقشفهم في الحياة واستغناؤهم بالغة لهم ولمن إليهم وبهذا أرضوا العامة فاستتب لهم الأمر .
وحين جد الجد في محاكمة الزهراء كانت بضعة النبي لديهم كسائر النساء لا ينزهن عن الافتراء ( 1 ) .
=> ترجمة أبى فاختة ، وقد ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص 150 ، والشيخ الطوسي في أماليه ج 2 / 206 .
( 130 ) المراجعات ص 337 المراجعة 80 و 82 وراجع سبيل النجاة في تتمة المراجعات ط بيروت .
( 1 ) بل لم تعامل معاملتهن لان المرأة المسلمة التي لا تتنزه عن الافتراء إذا أقامت على دعواها شاهدا واحدا من عدول المسلمين يكتفي منها باليمين عوضا عن الشاهد الثاني ولا ترد دعواها إلا بعد نكولها عن اليمين أما الزهراء فقد شهد لها على ، وكان عليهم أن يستحلفونها فان نكلت ردوا حينئذ دعواها لكنهم أسرعوا في رد الدعوى ولم يطلبوا منها اليمين . على إنها عليها السلام كانت ذات اليد على فدك وذات التصرف فالبينة انما هي على المعارض لها المدعى عليها ، عملا بقوله صلى الله عليه وآله : " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر " الحديث . وهذا من النصوص التي عارضوها بالاجتهاد كما لا يخفى ( منه قدس ) .
فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد - ص 231
فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد - ص 231
السر في مُطالبة فاطمة الزهراء عليها السلام بفدك
من الممكن أن يقال : إن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام الزاهدة عن الدنيا وزخارفها ، والتي كانت بمعزل عن الدنيا ومغريات الحياة ما الذي دعاها إلى هذه النهضة وإلى هذا السعي المتواصل والجهود المستمرة في طلب حقوقها ؟
وما سبب هذا الإصرار والمتابعة بطلب فدك والاهتمام بتلك الأراضي والنخيل مع ما كانت تتمتع به السيدة فاطمة من علو النفس وسمو المقام ؟
وما الداعي إلى طلب الدنيا التي كانت أزهد عندهم من عفطة عنز وأحقر من عظم خنزير في فم مجذوم ، وأهون من جناح بعوضة ؟
وما الدافع بسيدة نساء العالمين أن تتكلف هذا التكليف ، وتتجشم هذه الصعوبات المجهدة للمطالبة بأراضيها وهي تعلم أن مساعيها تبوء بالفشل وأنها لا تستطيع التغلب على الموقف ، ولا تتمكن من انتزاع تلك الأراضي من المغتصبين ؟ ؟
هذه تصورات يمكن أن تتبادر إلى أذهان حول الموضوع .
أولا : أن السلطة حينما صادرت أموال السيدة فاطمة الزهراء وجعلها في ميزانية الدولة ( بالاصطلاح الحديث ) كان هدفهم تضعيف جانب أهل البيت , أرادوا أن يحاربوا علياً محاربة اقتصادية ، أرادوا أن يكون علي فقيراً حتى لا يلتف الناس حوله , ولا يكون له شأن على
- ص 232 -
الصعيد الاقتصادي , وهذه سياسة أراد المنافقون تنفيذها في حق رسول الله ( ص ) حين قالوا : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله .
ثانيا : لم تكن أراضي فدك قليلة الإنتاج ، ضئيلة الغلات بل كان لها وارد كثير يعبأ به ، بل ذكر ابن أبي الحديد أن نخيلها كانت مثل نخيل الكوفة في زمان ابن أبي الحديد .
وذكر الشيخ المجلسي عن كشف المحجة أن وارد فدك كان أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة ، وفي رواية أخرى سبعين ألف دينار ولعل هذا الاختلاف في واردها حسب اختلافهم السنين .
وعلى كل تقدير فهذه ثروة طائلة واسعة ، لا يصح التغاضي عنها .
ثالثا : إنها كانت تطالب ( من وراء المطالبة بفدك ) الخلافة والسلطة لزوجها علي بن أبي طالب ، تلك السلطة العامة والولاية الكبرى التي كانت لأبيها رسول الله ( ص ) .
فقد ذكر ابن أبي الحديد في شرحه قال : سألت علي بن الفارقي ، مدرس المدرسة الغربية ببغداد فقلت له : أكانت فاطمة صادقة ؟ قال : نعم . قلت : فلمَ لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي
عنده صادقة ؟ فتبسم ، ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته قال : لو أعطاها اليوم فدك ، بمجرد دعواها لجاءت إليه غداً وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن
مقامه ، ولم يكن يمكنه الاعتذار ، والموافقة بشيء ، لانه يكون قد أسجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعي ، كائناً ما كان من غير حاجة إلى بينة وشهود .
رابعاً : الحق يُطلب ولا يُعطى ، فلا بد للإنسان المغصوب منه ماله أن يطالب بحقه ، لأنه حقه ، وإن كان مستعيناً عن ذلك
- ص 233 -
المال وزاهداً فيه ، وذلك لا ينافي الزهد وترك الدنيا ، ولا ينبغي السكوت عن الحق .
خامساً : إن الإنسان وإن كان زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة فإنه مع ذلك يحتاج إلى المال ليصلح به شأنه ، ويحفظ به ماء وجهه ويصل به رحمه ، ويصرفه في سبيل الله كما تقتضيه الحكمة .
أما ترى رسول الله ( ص ) وهو أزهد الزهاد كيف انتفع بأموال خديجة في سبيل تقوية الإسلام ؟ كما مر كلامه ( ص ) حول أموال خديجة ص (39) .
سادساً : قد تقتضي الحكمة أن يطالب الإنسان بحقه المغصوب ، فإن الأمر لا يخلو من أحد وجهين :
إما أن يفوز الإنسان ويظفر بما يريد وهو المطلوب وبه يتحقق هدفه من المطالبة .
وإما أن لا يفوز في مطالبته فلن يظفر بالمال ، فهو إذ ذاك قد أبدى ظلامته ، وأعلن للناس أنه مظلوم ، وأن أمواله غصبت منه .
هذا وخاصة إذا كان الغاصب ممن يدعي الصلاح والفلاح ، ويتظاهر بالديانه والتقوى ، فإن المظلوم يعرفه للأجيال أنه غير صادق فيما يدعي .
سابعاً : إن حملة المبادئ يتشبثون بشتى الوسائل الصحيحة لجلب القلوب إليهم ، فهناك من يجلب القلوب بالمال أو الأخلاق أو بالوعود وأشباه ذلك .
ولكن أفضل الوسائل لجلب القلوب ( قلوب كافة الطبقات ) هو التظلم وإظهار المظلومية فإن القلوب تعطف على المظلوم كائناً من كان ، وتشمئز من الظالم كائناً من كان .
وهذه الخطبة ناجحة وناجعة لتحقيق أهداف حملة المبادئ الذين يريدون
- ص 234 -
إيجاد الوعي في النفوس عن طريق جلب القلوب إليهم .
وهناك أسباب ودواعٍ أخرى لا مجال لذكرها .
لهذه الأسباب قامت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وتوجهت نحو مسجد أبيها رسول الله ( ص ) لأجل المطالبة بحقها .
إنها لم تذهب إلى دار أبي بكر ليقع الحوار بينها وبينه فقط ، بل اختارت المكان الأنسب وهو المركز الإسلامي يومذاك ، ومجمع المسلمين حينذاك ، وهو مسجد رسول الله ( ص ) .
كما أنها اختارت الزمان المناسب أيضاً ليكون المسجد غاصاً بالناس على اختلاف طبقاتهم من المهاجرين والأنصار ولم تخرج وحدها إلى المسجد، بل خرجت في جماعة من النساء ، كأنها
في مسيرة نسائية، وقبل ذلك تقرر اختيار موضع من المسجد لجلوس بضعة رسول الله وحبيبته ، وعلقوا ستراً لتجلس السيدة فاطمة خلف الستر ، إذ هي فخر المخدرات وسيدة المحجبات .
كانت هذه النقاط المهمة جداً ، واستعد أبو بكر لاستماع احتجاج سيدة نساء العالمين ، وابنة أفصح من نطق بالضاد وأعلم امرأة في العالم كله .
خطبت السيدة فاطمة الزهراء خطبة ارتجالية ، منظمة ، منسقة ، بعيدة عن الاضطراب في الكلام ، ومنزهة عن المغالطة والمراوغة ، والتهريج والتشنيع .
بل وعن كل ما لا يلائم عظمتها وشخصيتها الفذة ، ومكانتها السامية .
وتُعبر هذه الخطبة معجزة خالدة للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وآية باهرة تدل على جانب عظيم من الثقافة الدينية التي كانت تتمتع بها الصديقة فاطمة الزهراء .
- ص 235 -
وأما الفصاحة والبلاغة ، وحلاوة البيان ، وعذوبة المنطق ، وقوة الحجة ، ومتانة الدليل ، وتنسيق الكلام ، وإيراد أنواع الاستعارة بالكناية ، ، وعلو المستوى ، والتركيز على الهدف , وتنوع البحث , فالقلم وحده لا يستطيع استيعاب الوصف ، بل لا بد من الاستعانة بذهن القارئ .
كانت السيدة فاطمة مسلحة بسلاح الحجة الواضحة والبرهان القاطع ، والدليل القوي المقنع وكان المسلمون الحاضرون في المسجد ينتظرون كلامها ، ويتلهفون إلى نتيجة ذلك الحوار والاحتجاج الذي لم يسبق له مثيل إلى ذلك اليوم .
جلست السيدة في المكان المعدة لها خلف الستر ، ولعل دخولها يومذاك كان لأول مرة بعد وفاة أبيها الرسول الأعظم ( ص ) .
فلا عجب إذا هاجت بها الأحزان ، وأنَت أنَة .
إنني أعجز عن تعبير عن تحليل تلك الأنَة ، ومدى تأثيرها في النفوس .
أنًة واحدة فقط - بلا كلام - تهيج عواطف الناس ، فيجهش القوم بالبكاء .
أنا ما أدري ما كانت تحمل تلك الأنَة من معاني ؟
ولماذا أجهش الناس بالبكاء ؟
وهل الأنَة الواحدة تُبكي العيون ، وتُجري الدموع وتُحرق القلوب ؟
هذه ألغازٌ لا أعرف حلها ، ولعل غيري يستطيع حل هذه الألغاز !!
لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه
فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد - ص 229
فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد - ص 229
مصادر خطبة الزهراء عليها السلام
وقبل أن نذكر الخطبة لا بأس بذكر رواة الخطبة ومصادرها من كتب الفريقين الشيعة والسنة لنعلم مدى أهمية هذه الخطبة لدى أهل البيت باعتبارها وثيقة تاريخية تثبت مظلومية اهل البيت
، ومدى الاضطهاد والعنف والكبت الذي قام به بعض أفراد تجاه أسرة الرسول ( ص ) ولا ندعي أننا استوعبنا جميع المصادر ، بل ذكرنا ما عثرنا عليه من الوثائق التاريخية .
1 - السيد مرتضى علم الهدى المتوفي 436 في كتاب ( الشافي ) يروي هذه الخطبة باسناده عن عروة عن عائشة .
2 - السيد ابن طاووس في كتاب ( الطرائف ) باسناده عن الزهري عن عائشة .
3 - الشيخ الصدوق باسناده عن زينب بنت علي عليهما السلام .
4 - ويروي بطريق آخر باسناده عن زيد بن علي الشهيد عن عمته زينب بنت علي عن أمها فاطمة الزهراء عليها السلام .
5 - وهكذا يروي باسناده عن أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت علي علهما السلام .
6 - ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة يروي عن كتاب ( السقيفة ) تأليف أحمد بن عبد العزيز الجوهري بأربعة طرق .
( أ ) باسناده عن رجال من أهل البيت عن زينب بنت علي عليها السلام .
( ب ) باسناده عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام .
( ج ) باسناده عن الإمام الباقر بن علي عليهما السلام .
( د ) باسناده عن عبد الله بن الحسن عليهما السلام .
7 - علي بن عيسى الأربلي في كتابه ( كشف الغمة ) يروي عن كتاب ( السقيفة ) للجوهري .
- ص 230 -
8 - المسعودي في ( مروج الذهب ) يشير إلى هذه الخطبة .
9 - الطبرسي في كتاب ( الاحتجاج ) .
10 - أحمد بن أبي طاهر في كتاب ( بلاغات النساء ) إلى غير هؤلاء ممن يطول الكلام بذكرهم ، وإسناد هذه الخطبة إلى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من الأمور المسلمة عند أهل العلم من المؤرخين وغيرهم .
ونقل ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة عن السيد المرتضى أنه قال : وأخبرنا أبو عبد الله المرزباني عن علي بن هارون عن عبيد الله بن أحمد عن أبيه قال ذكرت لأبي
الحسين زيد ( الشهيد ) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام كلام فاطمة عند منع أبي بكر إياها فدك وقلت له : إن هؤلاء يزعمون أنه مصنوع وأنه من كلام أبي العيناء ، لان الكلام منسوق البلاغة .
فقال لي : رأيت مشائخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ، ويعلمونه أولادهم ، وقد حدثني أبي عن جدي يبلغ بها فاطمة على هذه الحكاية ، وقد رواه مشائخ الشيعة وتدارسوه قبل أن يوجد جدُ أبي العيناء .
وقد حدَث الحسين بن علوان عن عطية العوفي انه سمع عبد الله بن الحسن بن الحسين يذكر عن أبيه هذا الكلام ثم قال أبو الحسين زيد : وكيف ينكرون هذا من كلام فاطمة وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة ويحققونه ؟ ولولا عداوتهم لنا أهل البيت !!
هذا بعض ما ظفرنا به من المصادر لخطبة سيدة نساء ، ولعل غيرنا من الباحثين يجدون المزيد من المصادر لهذه الخطبة .
بقيت هنا كلمة نذكها كجملة معترضة ، ثم ننتقل إلى الخطبة
لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه
مدخل خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام
مدخل خطبة فاطمة الزهراء عليها السلام
مأساة فدك والعوالي
أحسن كلام نفتتح به هذا البحث ، وأصدق حديث نبدأ به في هذا الموضوع هو كلام الله تعالى ، ومن أصدق من الله قيلا ؟ ومن أصدق من الله حديثاً ؟
قال تعالى ( وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون ) هذه الآية كما تراها خطاب من الله عز وجل إلى حبيبه محمد ( ص ) يأمره أن يؤتي ذا القربى حقه ، فمن ذو القربى ؟ وما هو حقه ؟
لقد ذكرنا - في آيه ذا القربى أو آية المودة - أن المقصود من القربى هم أقرباء الرسول وهم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فيكون المعنى : واعطِ ذوي قرباك حقوقهم .
روي عن أبي سعيد الخدري وغيره أنه لما نزلت هذه الآية على النبي ( ص ) أعطى فاطمة فدكاً وسلمه إليها ، وهو المروي عن الإمام الباقر والإمام الصادق عليهم السلام وهو المشهور بين علماء الشيعة .
وقد ذكر ذلك من علماء السنة عدد كثير بطرق عديدة فمنها :
صرح في ( كنز العمال ) وفي مختصره المطبوع في الهامش من كتاب ( المسند ) لأحمد بن حنبل في مسألة صلة الرحم من كتاب
- ص 221 -
( الأخلاق ) عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت : ( وآت ذا القربى حقه ) قال النبي ( ص ) يا فاطمة لك فدك .
قال : رواه الحاكم في تاريخه وفي ص 177 من الجزء الرابع من تفسيره ( الدر المنثور ) للسيوطي أنه أخرج البزار وأبو يعلي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية ( وآت ذا القربى حقه ) دعا النبي ( ص ) فاطمة فأعطاها فدك .
فما هي فدك ؟
التحدث عن فدك يشمل الموارد الآتية :
1 - ما هي الفدك ؟
2 - هل كانت فدك لرسول الله ( ص ) خاصة أم للمسلمين عامة ؟
3 - هل دفع الرسول فدكاً إلى ابنته فاطمة الزهراء نحلة وعطية في حياته أم لا ؟
4 - هل يورث رسول الله ( ص ) أم لا ؟
5 - هل كانت السيدة فاطمة الزهراء تتصرف في فدك في حياة أبيها الرسول أم لا ؟
أما الأول : فقد ذكر اللغويون أقوالهم في فدك :
في القاموس : فدك قرية بخيبر .
وفي المصباح : فدك - بفتحتين - بلدة بينها وبين مدينة النبي ( ص ) يومان ، وبينها وبين خيبر
- ص 222 -
دون مرحلة وهي مما أفاء الله على رسوله ( ص ) .
وفي معجم البلدان للحموي ، باب الفاء والدال -: فدك : بالتحريك ، وآخره كاف قرية بالحجاز ، بينها وبين المدينة يومان ، وقيل ثلاثة ، أفاءها الله على رسوله ( ص ) في سنة سبع صلحاً ،
ذلك أن النبي ( ص ) لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا ثلاث ، واشتد بهم الحصار أرسلوا إلى رسول الله ( ص ) يسألونه أن ينزلهم على الجلاء ، وفعل ، وبلغ ذلك أهل فدك
فأرسلوا إلى رسول الله ( ص ) أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم ، فأجابهم إلى ذلك فهو مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله ( ص ) .
الثاني : وأما كيف صارت فدك خالصة لرسول الله ( ص ) ؟ فقد قال تعالى: ( وما أفاء الله على رسوله منهم أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على
كل شيء قدير ، ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) أفاء الله أي رد الله ما كان للمشركين على رسوله بتمليك الله إياه منهم أي من اليهود الذين أجلاهم
( فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) أوجف خيله أي أزعجه في السير ، والركاب هنا - الأبل - ، والمعنى ما استوليتم على تلك الأموال بخيولكم أي ما ركبتم خيولكم وإبلكم لأجل الاستيلاء عليها
( ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ) أي يمكن الله رسله من عدوهم من غير قتال ، بأن يقذف الرعب في قلوبهم ، فجعل الله أموال بني النضير لرسوله خالصة يفعل بها ما يشاء ، وليست من قبيل الغنائم التي توزع على المقاتلين .
( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ) أي من أموال كفار أهل
- ص 223 -
القرى ( فلله ) ( وللرسول ) أي جعل الله تلك الأموال ملكاً لرسوله ( ولذي القربى ) يعنى قرابة النبي ( واليتامى والمساكين وابن السبيل ) من القربى .
روى الطبرسي عن ابن عباس قال : نزل قوله تعالى ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى . . . ) في أموال كفار أهل القرى ، وهم قريظة وبني النضير وهما بالمدينة وفدك هي في المدينة على ثلاثة أميال ، وخيبر وقرى عرينة وينبع جعلها الله لرسوله ، يحكم فيها ما أراد ، وأخبر أنها كلها له ، فقال أناس : فهلا قسمها ؟ فنزلت الآية .
وقد مر عليك كلام الحموي في معجم البلدان حول فدك انها مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله ( ص ) .
الثالث : وقد مر عليك ما ذكره المحدثون في تفسير قوله تعالى ( وآت ذا القربى حقه ) إن النبي ( ص ) أعطى فاطمة فدكاً .
وهاك مزيداً من الأدله حول الموضوع تأكيداً للبحث :
ذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة ، والشيخ السمهودي في تاريخ المدينة أن عمر قال : إني أحدثكم عن هذا الأمر : إن الله خص نبيه في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره فقال : ( ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير ) ، فكانت هذه خالصة لرسول الله . . . الخ .
الرابع : إذن فالمستفاد من مجموعة الآيات والروايات أن فدك كانت لرسول الله ( ص ) خالصة ، وأن النبي ( ص ) أعطى فاطمة فدكاً بعنوان النحلة والعطية بأمر الله تعالى حيث أمره بقوله ( وآت ذا القربى حقه ) .
الخامس : يستفاد من تصريحات المؤرخين والمحدثين أن السيدة فاطمة الزهراء كانت تتصرف في فدك ، وأن فدك كانت في يدها .
- ص 224 -
فمنها تصريح الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب الذي أرسله إلى عثمان بن حنيف وهو عامله على البصرة فإنه ذكر فيه . . . بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء ، فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، ونعم الحكم الله . . . ألخ .
وذكر ابن حجر في ( الصواعق المحرقة ) في الباب الثاني : إن أبا بكر انتزع من فاطمة فدك . . . الخ .
ومعنى كلام ابن حجر أن فدك كانت في يد الزهراء عليها السلام من عهد أبيها الرسول فانتزعها أبو بكر منها .
وقد روى العلامة المجلسي عن كتاب ( الخرائج ) : فلما دخل رسول الله ( ص ) المدينة ( بعد استيلائه على فدك ) دخل على فاطمة عليها السلام فقال : يا بنية إن الله قد أفاء على أبيك
بفدك ، واختصه بها ، فهي له خاصة دون المسلمين ، أفعل بها ما أشاء ، وإنه قد كان لأمك خديجة على أبيك مهر ، وإن أباك قد جعلها لك بذلك ، وأنحلكها لك ولولدك بعدك قال : فدعا
بعلي بن أبي طالب فقال : أكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول الله . فشهد على ذلك علي بن أبي طالب ومولىً لرسول الله وأم أيمن .
ولما توفى رسول الله ( ص ) واستولى أبو بكر على منصة الحكم ومضت عشرة أيام . واستقام له الأمر بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله ( ص ) .
كانت فدك للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من ثلاثة وجوه :
الوجه الأول : انها كانت ذات اليد ، أي كانت متصرفة في فدك ، فلا يجوز انتزاع فدك من يدها إلا بالدليل والبينة . كما قال رسول الله ( ص )
- ص 225 -
( البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر ) وما كان على السيدة فاطمة أن تقيم البينة لأنها ذات اليد .
الوجه الثاني : أنها كانت تملك فدك بالنحلة والعطية والهبة من أبيها رسول الله ( ص ) .
الوجه الثالث : أنها كانت تستحق فدك بالإرث من أبيها الرسول ولكن القوم خالفوا هذه الوجوه الثلاثة ، فقد طالبوها بالبينة ، وطالبوها بالشهود على النحلة ، وأنكروا وراثة الأنبياء .
وبإمكان السيدة فاطمة أن تطالب بحقها بكل وجه من هذه الوجوه .
ولهذا طالبت بفدك عن طريق النحلة أولاً ، ثم طالبت بها عن طريق الإرث ثانياً كما صرح بذلك الحلبي في سيرته ج 3 ص 39 قال : إن فاطمة أتت أبا بكر بعد وفاة رسول الله ( ص )
وقالت : إن فدك نحلة أبي ، أعطانيها حال حياته . وأنكر عليها أبي بكر وقال : أريد بذلك شهوداً فشهد لها علي ، فطلب شاهداً آخر فشهدت لها أم أيمن فقال لها : أبرجلٍ وإمرأة تستحقينها ؟؟
وذكر الطبرسي في الاحتجاج : فجاءت فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر ثم قالت : لِمَ تمنعني ميراثي من أبي رسول الله ؟ وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله ( ص ) بأمر الله تعالى ؟
فقال : هاتي على ذلك بشهود فجاءت أم أيمن فقالت : لا أشهد يا أبا بكر حتى أحتج عليك بما قال رسول الله ( ص ) أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله قال: أم أيمن امرأة من أهل الجنة ؟
فقال : بلى . قالت : فاشهد أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله ( ص ) وآت ذا القربى حقه . فجعل فدك لها طعمة بأمر الله تعالى . فجاء علي عليه السلام فشهد بمثل ذلك ، فكتب لها كتاباً
ودفعه إليها فدخل عمر فقال : ما هذا الكتاب ؟ فقال : إن فاطمة ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن
- ص 226 -
وعلي ، فكتبته لها . فأخذ عمر الكتاب من فاطمة ، فتفل فيه فمزقه ، فخرجت فاطمة عليها السلام تبكي .
وفي سيرة الحلبي ج 3 ص 391 أن عمر أخذ الكتاب فشقه .
نعود إلى ما ذكره الطبرسي قال : فلما كان بعد ذلك جاء علي ( ع ) إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار
فقال : يا أبا بكر لِمَ منعت فاطمة ميراثها من رسول الله ( ص ) وقد مَلَكته في حياة رسول الله؟؟
فقال أبو بكر : هذا فيء للمسلمين ، فإن أقامت شهوداً أن رسول الله جعله لها وإلا فلا حق لها فيه !
فقال علي : يا أبا بكر تحكم بيننا بخلاف حكم الله في المسلمين ؟
فقال : لا .
قال : فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه فادعيت أنا فيه من تسأل البينة ؟
قال : إياك أسأل ،
قال : فما بال فاطمة سألتها البينة على ما في يديها ، وقد مَلَكته في حياة رسول الله وبعدة , ولم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوها شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم ؟؟
فسكت أبو بكر فقال : يا علي دعنا من كلامك ، فإنا لا نقوى على حجتك ، فإن أتيت بشهود عدول ، وإلا فهي فيء للمسلمين ، لا حق لك ولا لفاطمة فيه !!
فقال علي عليه السلام : يا أبا بكر تقرأ كتاب الله ؟
قال : نعم .
قال : اخبرني عن قول الله عز وجل : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً . فيمن نزلت ؟ فينا أو في غيرنا ؟
قال : بل فيكم !
قال : فلو شهدوا على فاطمة بنت رسول الله ( ص ) بفاحشة ما كنت صانعاً بها ؟
قال : كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على نساء المسلمين ! !
قال علي : كنت إذن عند الله من الكافرين !
قال : لِمَ ؟
قال : لأنك رددت شهادة الله بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل لها فدك وزعمت أنها فيء للمسلمين وقد قال رسول الله ( ص ) : البينة
- ص 227 -
على المدعي ، واليمين على من ادعي عليه .
قال : فدمدم الناس ، وأنكر بعضهم بعضاً ، وقالوا : صدق - والله - علي .
وقد روى العلامة في كشكوله عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله ( الصادق ) عليه السلام رواية لا تخلو من فائدة أو فوائد نذكرها بصورة موجزة قال : لما قام أبو بكر بن أبي قحافة بالأمر نادى مناديه : من كان له عند رسول الله دين أو عدة فليأتني حتى أقضيه .
وجاء جابر بن عبد الله وجرير بن عبد الله البجلي ، وادعى كل منهما على رسول الله ( ص ) فأنجز أبو بكر لهما .
فجاءت فاطمة إلى أبي بكر تطالب بفدك والخمس والفيء فقال : هاتي بينة يا بنت رسول الله ، فاحتجت فاطمة عليها السلام بالآيات وقالت : قد صدقتم جابراً بن عبد الله وجرير بن عبد الله
البجلي ولم تسألوهما البينة وبينتي في كتاب الله ، وأخيراً طالبوها بالشهود ، فبعثت إلى علي والحسن والحسين وأم أيمن وأسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر ( أي زوجة أبي بكر )
وشهدوا لها بجميع ما قالت . فقالوا : أما علي فزوجها ، وأما الحسن والحسين فابناها وأما أم أيمن فمولاتها ، وأما أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب فهي تشهد لبني هاشم ، وقد كانت تخدم فاطمة وكل هؤلاء يجرون إلى أنفسهم .
فقال علي : أما فاطمة فبضعة من رسول الله ومن آذاها فقد آذى رسول الله ، ومن كذبها فقد كذب رسول الله .
وأما الحسن والحسين فابنا رسول الله وسيدا شباب أهل الجنة ، ومن كذبهما فقد كذب رسول الله , إذ كان أهل الجنة صادقين
- ص 228 -
وأما انا فقد قال رسول الله : أنت مني وأنا منك ، وأنت أخي في الدنيا والآخرة ، والراد عليك هو الراد علي من أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني .
وأما أم أيمن فقد شهد لها رسول الله بالجنة ، ودعى لأسماء بنت عميس وذريتها .
فقال عمر : أنتم كما وصفتم به أنفسكم ، ولكن شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل !
فقال علي : إذا كنا نحن كما تعرفون ولا تنكرون وشهادتنا لأنفسنا لا تقبل وشهادة رسول الله لا تقبل فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وإذا ادعينا لأنفسنا تسألنا البينة فما من معيم يعين ، وقد وثبتم
على سلطان الله وسلطان رسوله فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بينة ولا حجة , وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
ثم قال لفاطمة : إنصرفي حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .
ولما رأت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام أن القوم أبطلوا شهودها الذين شهدوا لها بالنحلة ولم تنجح مساعيها ، جاءت تطالب حقها عن طريق الإرث ، واتخذت التدابير اللازمة لتقوم
بأكبر حملة دعائية واسعة النطاق وهي تعلم أن السلطة لا يخضعون للدليل الواضح والبرهان القاطع ، فقد قال الشاعر : وآية السيف تمحو آية القلم .
وكل قوم تحكم فيهم الدكتاتورية فإن المنطق فاشل ولا يجدي فائدة .
وعلى كل حال فللسيدة فاطمة هدف آخر ، وهو يتحقق قطعاً ، وهدفها تسجيل مظلوميتها في سجل التاريخ ، وكشف الغطاء عن أعمال القوم ونواياهم ، فقررت أن تذهب إلى المسجد وتخطب خطبة تتحقق بها أهدافها الحكيمة .
جواد: أخبار عرض مطاعم «برجر كنج» للبيع «كاذبة»
جواد: أخبار عرض مطاعم «برجر كنج» للبيع «كاذبة»
الوسط - علي الموسوي
نفى عضو مجلس إدارة مجموعة جواد التجارية، أمير جواد، الأخبار التي تُتداول عن عرض مطاعم «برجر كنج» للبيع، والتي تمتلك وكالتها مجموعة جواد التجارية في البحرين، مشدداً على أن هذه الأخبار «عارية عن الصحة، ولا أساس لها».
وقال: «بدأنا باتخاذ الإجراءات القانونية حيال الخبر غير الصحيح والكاذب الذي نُشر أمس الأربعاء (16 مايو/ أيار 2012)، وعلى الصحيفة المذكورة تحمُّل تبعات الخبر المنشور».
اعتبرها تشويهاً لسمعة المجموعة واستمراراً للاعتداءات التي تعرضت لها
جواد: الأخبار عن عرض مطاعم «برجر كنج» للبيع «كاذبة»
الوسط - علي الموسوي
نفى عضو مجلس إدارة مجموعة جواد التجارية أمير جواد، الأخبار التي تُتداول عن عرض مطاعم «برجر كنج» للبيع، والتي تمتلك وكالتها مجموعة جواد التجارية في البحرين، مشدداً على أن هذه الأخبار «عارية عن الصحة، ولا أساس لها».
وعبّر جواد في حديثه إلى «الوسط»، عن استيائه من نشر خبر في إحدى الصحف المحلية، عن عرض فروع مجموعة مطاعم «برجر كنج» للبيع بمبلغ 800 ألف دينار، مشيراً إلى أن «هذا الخبر شوّه العلامة التجارية لمطاعم برجر كنج العالمية، وهذا أمر غير جائز من الناحية القانونية».
وأكد «بدأنا اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الخبر غير الصحيح والكاذب الذي نُشر أمس الأربعاء (16 مايو/ أيار 2012)، وعلى الصحيفة المذكورة تحمّل تبعات الخبر المنشور».
وأضاف «إن مثل هذه الأخبار التي لا سند لها من الصحة، تعرّض الوكيل في البحرين إلى التشويه والإساءة»، منوّهاً إلى أن «الصحيفة المذكورة أساءت بنشرها هذا الخبر إلى مجموعة جواد التجارية».
وتساءل «لا نعرف على أي أساس تم نشر الخبر من دون الرجوع إلينا، والتحقق من مدى صحته، ولا نعلم ما هي المصادر التجارية التي استندت إليها الصحيفة في كتابة الخبر».
وكانت إحدى الصحف المحلية نشرت أمس خبراً على لسان مصادر تجارية يفيد بأن «وكيل مجموعة مطاعم «برجر كنج» في البحرين عرض فروع المجموعة للبيع بمبلغ 800 ألف دينار»، موضحة أن «العروض المقدمة للشراء لم تتجاوز 400 ألف دينار، أي أقل من نصف السعر المعروض للبيع.
وذكرت الصحيفة في الخبر أن «مجموعة مطاعم برجر كنج في البحرين، التي لا تقل فروعها عن العشرة، تأثرت بالأوضاع الاقتصادية الأخيرة. ويشمل عرض الشراء كامل الفروع بما فيها من معدات وأجهزة».
وشدد عضو مجموعة جواد التجارية على أن «مجموعة جواد التجارية أسهمت في رفع مستوى الاقتصاد البحريني طوال الخمسين عاماً الماضية، ومن غير المعقول ولا المقبول أن يتم التشهير بها، وبالوكالات التجارية التي تمتلكها».
واعتبر أن الخبر المنشور، وخصوصاً في هذه الصحيفة، يعد استهدافاً واستمراراً للاعتداءات والتخريب والسرقات التي تعرضت لها محلات مجموعة جواد التجارية منذ شهر مارس/ آذار من العام الماضي (2011)، وحتى الآن، وبلغ عددها قرابة 58 حالة اعتداء.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3540 - الخميس 17 مايو 2012م الموافق 26 جمادى الآخرة 1433هـ
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)