الخميس، 4 سبتمبر 2014

بقلم جعفر عبد الكريم صالح

إدمان الكحول مشكلة خطيرة تعاني منها اغلب دول العالم، وكما يقول بعض الخبراء أشد تأثيراً من المخدرات حسب عدد الإصابات وحسب الكلفة الاقتصادية الكلية، وأضراره صحية اجتماعية اقتصادية وامنية كبيرة حيث يعد إدمان الكحول سببا مهما في خراب المجتمع وانتشار العنف والجريمة والتشرد فضلا عن انه قد يكون سببا في الموت المفاجىء. لذا فقد سعت العديد من الحكومات الى اتخاذ بعض القوانين والخطط الخاصة التي تهدف الى محاربة هذه المشكلة او الحد منها.
ومصطلح إدمان الكحول وكما تشير بعض المصادر يطلق على الحالة الناتجة عن استهلاك الكحول الإيتيلي بغض النظر عن المشاكل الصحية والعواقب الاجتماعية السلبية التي يسببها. التعريف الطبي لإدمان الكحول يعرفه على أنه مرض ناتج عن الاستخدام المستمر للكحول على الرغم من العواقب السلبية التي يحدثها وهو أحد أنواع الإدمان، وقد ظهر مصطلح الكحولية منذ 200 عام والشيء المميز لها عدم قدرة المدمن في مراحلها النهائية من التوقف عن الشرب من أول كأس يشربها وقد حذر بعض الباحثين الأوربيين من أن الكحولية مرض دائم لا يشفى ويجب المحافظة على الامتناع الكلي حتى لا يقع الشخص في منزلق الشرب غير المسيطر عليه مرة أخرى ومما حذروا منه البيرة منزوعة الكحول لأن نسبة الواحد بالألف التي تبقى بها قد تكون كافية لتحريك شهية الكحولي للعودة للشرب مرة أخرى.
وتقدر كلفة سوء استعمال الكحول والكحولية من حيث نقص الإنتاجية ونفقات العلاج في الولايات المتحدة بحوالي 100 مليار دولار سنوياً وهنالك مشكلة إضافية تتعلق بإنكار الشخص الكحولي لحاجته للعلاج، وهو أمر خطير فالكحولية في الولايات المتحدة تعد القاتل رقم ثلاثة بعد أمراض القلب والسرطان، ولو أضيف إليها رقم وفيات حوادث الطرق التي تنجم عن الكحول وما يدون في شهادات الوفاة سنجد أن الكحول هو القاتل رقم واحد في الولايات المتحدة.
وقد اثبتت الدراسات أن سوء إستخدام الكحول ينطبق على من يشرب أكثر من ثلاث وحدات من الكحول يوميا للرجال بحد أقصى واحد و عشرون وحدة أسبوعياً أو وحدتين من الكحول يوميا للنساء بحد أقصى أربعة عشر وحدة أسبوعياً . كما ينطبق التعريف أيضاً على من يشرب ثمان وحدات أو أكثر للرجال أو ستة وحدات أو أكثر للنساء فى مناسبة واحدة. وتعرف الوحدة من الكحول بحوالى زجاجة أو علبة من البيرة سعة 250 مل أو كأس من النبيذ سعة 125 مل أو كأس من الخمر كالويسكى سعة 25 مل.
إذ كثير من الشبان يظنون أنّ تناول الخمر سمة من سمات التقدم، لكن اللجوء إلى المشروبات الكحولية يفصح عن اضراره العضوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية كما أنه سمة من سمات  النفوس الضعيفة.
3.3 مليون
وفي هذا الشأن قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص ممن يتعاطون المشروبات الكحولية توفوا في 2012 لأسباب تتراوح من السرطان إلى العنف ودعت الحكومات إلى بذل المزيد من الجهد للحد من هذا الضرر. وقال اوليج شيستوف خبير الأمراض المزمنة والصحة العقلية بالمنظمة "يجب بذل المزيد من أجل حماية البشر من الاثار السلبية على الصحة لاستهلاك الكحوليات."
وأضاف قائلا "لا مجال للتهاون" محذرا من أن الافراط في تناول الكحوليات يقتل من الرجال أكثر مما يقتل من النساء ويعرض البشر لخطر الإصابة باكثر من 200 مرض وكان سببا في وفاة 3.3 مليون شخص في 2012 . وقال شيكار ساكسينا مدير ادارة الصحة العقلية وتعاطي المخدرات في منظمة الصحة العالمية إن الفقراء بشكل عام هم الأكثر تأثرا بالأضرار الاجتماعية والصحية للكحوليات. واضاف قائلا "هم غالبا يفتقدون الرعاية الصحية الجيدة ولا يجدون حماية كافية من عائلات فاعلة أو شبكات مجتمعية."
وغطى التقرير العالمي عن وضع الكحوليات والصحة 194 دولة وبحث استهلاك الكحوليات وتأثيرها على الصحة العامة وسياسات التعامل معها. وخلص التقرير إلى ان بعض الدول تشدد بالفعل الاجراءات لحماية الأفراد من الافراط في تعاطي الخمور. وتشمل هذه الاجراءات زيادة الضرائب على الكحوليات والحد من بيعها من خلال رفع سن الشراء وتنظيم السوق. بحسب رويترز.
وقالت المنظمة إن دولا كثيرة عليها اتخاذ خطوات مماثلة. كما يجب فعل المزيد من أجل زيادة التوعية بالأضرار التي يمكن أن تسببها الكحوليات لصحة الإنسان واجراء فحوص للاشخاص الذين ربما يحتاجون إلى تدخل مبكر أو التقليل من كميات التعاطي أو التوقف عنه نهائيا. وتستهلك أوروبا أكبر نسبة من الكحوليات للفرد. وفي بعض دولها بشكل خاص معدلات مرتفعة للتعاطي المضر.

الأربعاء، 20 أغسطس 2014

تقرير حر كة جعفر الخابوري الاسلا ميه


عندما ذهبت للولايات المتحدة أول مرة للدراسة، وفي أثناء دراسة اللغة الإنجليزية كان معي في الفصل، في أول فصل دراسي لي، اثنان من الإسرائيليين، أحدهما شاب جذوره مغربية والآخر رجل في منتصف العمر جذوره من أوروبا الشرقية. في أثناء حديث دار بيننا مرة تناولنا وضع فلسطين والسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين فطرحت عليهما سؤالاً حول ما الذي يريانه كحل للمسألة.

الرجل ذو الجذور الأوروبية الشرقية قال لي «لقد اشتركت حتى الآن في حربين مع العرب، وأعرف ما تعنيه الحرب وما تفرزه من معاناة ومن أسى على الطرفين، لذا لا أعتقد أن غير السلام حلاً يجب أن يسعى إليه الطرفان» أما الشاب ذو الأصول المغربية فقال لي «لماذا تعتقدين أن على "إسرائيل" الاهتمام بالفلسطينيين، لديكم متسع من الأرض في الأراضي العربية، خذوهم وابنوا لهم وطناً عندكم، أو ابعثوهم إلى باكستان، نحن لسنا مسؤولين عنهم».
بعد هذا الحوار بسنوات قليلة، وأثناء دراستي للسينما في الولايات المتحدة كنت في زيارة لبريطانيا في إحدى إجازاتي، وهناك سعت إحدى صديقاتي المقيمات في لندن في ذلك الوقت إلى ترتيب لقاء لي مع إحدى المخرجات البريطانيات العاملات في مجال الفيلم الوثائقي لنتعرف على بعض، كما قالت صديقتي ولتبادل الأفكار والحوار.
عندما دخلنا إلى بيت تلك المخرجة شممت رائحة طعام عربي، ولا أعرف لماذا وقتها شكلت تلك الرائحة نوعاً من الهاجس إلى أنها ترمي إلى وجود شيء له علاقة بـ"إسرائيل". ذلك كان شكل من ردات الفعل خبرته في جسدي حين يكون هناك شيء من الوجود الإسرائيلي يشغل حيزاً من المكان الذي أكون فيه.

ولن أتجه إلى الدخول في عملية تحليل معقدة تسعى إلى محاولة تفسير تعامل الجسد مع محيطه بما يكشف وجود مجسات ذكية في أجسادنا تحلل محيطها وتخبره بما يحيط به من «طاقات إنسانية أو طبيعية» إنما سأعود إلى موضوعي الأساسي.
بعد دقائق من وجودنا في بيت المخرجة دخل إلى المكان الذي نجلس فيه شاب أتذكر أنه كان يرتدي قميصاً وبنطالاً قصيراً ودعانا إلى الإفطار معه ومع المخرجة، الذي قال إنه يحتوي فولاً وأشياء أخرى لا أذكرها الآن، فاعتذرنا لهم عن المشاركة لأننا كنا قد أفطرنا.
بعد الإفطار جلسنا للحديث، وكان أن عرفتنا المخرجة بذلك الشاب ثم حدثنا الشاب هو عن نفسه وعن الهدف من تواجده في بريطانيا وقتها. قال لنا إنه شقيق فعنونو، الخبير المهندس الإسرائيلي العامل في مجال علوم الذرة، والذي كان قد كشف للعالم وقتها، وأثناء تواجده في خارج "إسرائيل" عن أن تلك الدولة تعمل في مجال صناعة وإنتاج السلاح النووي وأنها تمتلك قنابل ذرية، وأنها بذلك تشكل خطراً على شعبها وعلى العالم أيضاً.

وقد استدعى تصريح فعنونو ذلك من دولة "إسرائيل"، كما يعرف بعضنا القصة، إلى ملاحقته واختطافه من الدولة التي كان فيها ومن ثم سجنه ومحاكمته بتهمة الخيانة الكبرى. وأضاف لنا ذلك الشاب، أن وجوده في بريطانيا هو جزء من سعيه إلى إيجاد رأي عام يسعى إلى إيقاف قرار "إسرائيل" الرامي إلى إدانة فعنونو ومحاولة السعي إلى إطلاق سراحه، لأنه كما قال، لقد كان هدف أخيه من تصريحه ذاك السعي إلى تقليص الخطر الذي يواجه، ليس العرب، وإنما الوجود الإسرائيلي نفسه، والبحث عن حلول سلمية.
ولقد خطر لي وقتها أن أطرح على ذلك الشاب، وبعد أن عرفت أن أصوله تنحدر من اليهود المغاربة سؤالاً حول حقيقة أن الكثير من اليهود المنحدرين من الأصول الشرقية أكثر شراسة وعدوانية تجاه العرب من اليهود المنحدرين من أصول غربية.

فقال لي إن اليهود الشرقيين مواجهون دوماً بقضية إثبات الولاء لـ"إسرائيل"، وذلك سعياً لنفي علاقتهم بجذورهم العربية أو نفياً للصلة الإنسانية التي تنامت بينهم وبين باقي العرب كنتيجة لتعايشهم التاريخي الطويل معهم، وبالتالي فإن اليهود المنحدرين من أصول شرقية يحاولون طوال الوقت إثبات ولائهم لدولة "إسرائيل" حتى لا يتهموا بالتحيز لأصولهم أو التنكر ليهوديتهم.

تذكرت هذه المواقف، ومنها لقائي ذاك مع أخ فعنونو، اليهودي ذي الجذور المغربية، وأنا أتابع مواقف وزير الحرب الإسرائيلي عمير بيريتس، المنحدر هو الآخر من أصول شرقية، مغاربية تحديداً، في الحرب الدائرة بين حزب الله ودولة "إسرائيل"، وكيف كان بيريتس شرساً وعدوانياً وغير رحيم فيها، وهو الذي قدمته وسائل الإعلام، في بداية ظهوره للمجال السياسي العام على أنه أحد أهم المهتمين بقضايا العدل الاجتماعي في "إسرائيل"، وأحد المهتمين والناشطين في قضايا السلام بينهم وبين الغرب.

ولقد كان هناك الكثير من التركيز في الصحف، حين الحديث عن شخصية عمير بيريتس على تلك الجوانب، وبخاصة اهتمامه بقضية السلام، مما جعلني أعتقد وقتها أنه ربما يأتي إلى موقع القرار الإسرائيلي من سيكون أكثر حرصاً على التعايش السلمي بيننا وبينهم.
لكن مواقف بيريتس في الحرب ضد لبنان، والشراسة والعدوانية الكبيرة التي أظهرها تجاه العرب في تلك الحرب أعادت إلى ذهني تلك المواقف التي مررت بها يوماً والتي ناقشنا فيها مشكلة الأقليات اليهودية، خاصة تلك التي تنحدر أصولها من الأراضي العربية وعقدة إظهار الولاء التي تعيشها تلك الأقليات.

وهي مشكلة بالفعل معقدة وخطيرة. لذا فإنني أعتقد أن اختيار بيريتس من قبل الحكومة الإسرائيلية لشغل منصب وزير الحرب لم يكن اختياراً اعتباطياً أو عشوائياً، إنما هو اختيار مدروس، لأن تلك الحكومة تدرك أن بعض عناصر الأقليات تحاول طوال الوقت التنكر لجذورها، ومن ثم إثبات الولاء للدولة التي انتمت إليها والدفاع بكل شراسة عنها.
والذي يدرس بتمعن تركيبة وتاريخ "إسرائيل" يعرف تماماً هذه المؤشرات. كما أن الذي يدرس تاريخ بعض الأقليات اليهودية في دول العالم، ومنها بعض الدول العربية، يعرف أن الكثير من عناصر تلك الأقليات لعبت دوراً خطيراً في دعم قوى الاستعمار ضد تلك الدول، على سبيل المثال، وأنها كانت دوماً تسعى لإثارة القلاقل والمشكلات بما يخدم مصالحها هي، وليس المصلحة العامة للمجتمعات التي عاشت فيها.

اليوم، وعلى الرغم من أن الكثيرين من الإسرائيليين يعرفون أن أنظمة الحكم الإسلامية هي الأنظمة التي حافظت أكثر من غيرها على احترام حقوق اليهود واحتضنتهم واحترمت عباداتهم وطقوسهم، إلا أن شخصية مثل بيريتس تعيد إلى الأذهان مشكلة الأقليات اليهودية وعدم تخلصها من عقدها الكثيرة. مما يثبت أن مثل تلك المشكلات بحاجة إلى معالجة واهتمام، والأكثر من ذلك، بحاجة إلى أنظمة حكم تمارس العدالة المجتمعية الحقيقية وتحافظ على كيان وحقوق الأقليات، وهذا ما لا تملكه "إسرائيل"، وإن ادعت غير ذلك.

بقلم جعفر الخابوري


بعيونه كان يرقبهم حتى آخر لحظةٍ، ينظر لهم وهم يختبئون في موقعهم... صوّب عينيه نحوهم وهم صوّبوا مدفعهم نحوه... أطلقوا الرصاصة نحو عنقه فارتقى لله... وسقطوا بغدرهم وجبنهم... إنّه القائد القساميّ سعيد عيسى صيام، الذي ترجّل أخيراً عن صهوة جواده.

المولد والنشأة:
وُلِد الشهيد سعيد عيسى صيام (32عاماً)، بمخيّم خانيونس الغربي في 26/1/1974م، بعد أنْ هُجِّرت عائلته المتديّنة الصابرة من بلدة "الجورة" داخل الأراضي المحتلة عام 48.. له ستة أشقاء، وأربع شقيقات، متزوّج وله أربعة أبناء: أنس، هديل، هبة، وأسماء، وزوجته حامل في شهرها الأول.
انتمى صيام إلى حركة حماس منذ تأسيسها وانطلاقتها الأولى في العام 1987، وعمِلَ ضمن صفوف الحركة في جهاز الأحداث، اعتقله الجيش الصهيوني على خلفيّتها في 7/12/1991 وقضى خلالها أربعة أشهر في سجن النقب "كتسعوت"، وخرج بعدها ليلتحق مباشرة بجهاز الطوارئ التابع للحركة.

اعتقاله:
واعتقل الصهاينة الشهيد صيام للمرة الثانية في 1/3/1993 وحُكِم عليه بالسجن لمدة ستة أعوام لم يقضِ منها سوى عشرين شهراً وتمّ الإفراج عنه أواخر العام 94 مع جملة إفراجاتٍ عامّة لمئات الأسرى، وخلال هذه الفترة كان قد بايع حركة الإخوان المسلمين، وظلّ مخلِصاً لعمله في مجال الدعوة حتى أصبح نقيباً في جماعة الإخوان المسلمين.
عمل على تربية وتوعية العشرات من جيل الإسلام الناشئ، وصمّم المجاهد صيام على مواصلة عمله الجهاديّ وتطوير ذاته العسكرية بعد أنْ التحق بمجموعات كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى جانب أنّه يعمل ضمن قوات الأمن الفلسطينيّ، وعمل على تطوير قذائف الهاون وتصنيعها، رغم تعرّضه لثلاث إصاباتٍ متفاوتة أثناء عمليات التصنيع والتطوير المختلفة، حيث كان يتميّز شهيدنا بمهنيّته العالية وحِرَفِه المتعدّدة في مجالاتٍ عدة، بالإضافة إلى هوايته في تربية الطيور والعصافير.

أول من قصف بالهاون..
وكان "أبو أنس" أوّل من قام بقصف المستوطنات بقذائف الهاون هو والشهيد حافظ صبح، واعتُبِر قائداً ميدانياً لمعظم المجموعات القسامية في منطقة حي "الأمل" التي شكّلها وقادها أثناء عمليات الاجتياح والتوغّلات المتكرّرة، وكان مسؤولاً عن عملياتٍ متعدّدة من زرع وتفجير عبوات وقصف للهاون وصواريخ القسام وتجهيز استشهاديين، بالإضافة إلى أنّه كان يُشرِف على معسكرين لتدريب وتأهيل المجاهدين الذي التحقوا في صفوف الكتائب، الأمر الذي جعله يوصَف "برجل جميع المهمّات".
عجز الجيش الصهيوني عن معرفة العقلية التي تغلبت على أمنه وحصونه في مستوطنة "بات سديه" في شهر رمضان قبل عامين، وذلك عندما استطاع الاستشهاديّ إسماعيل بريص من تنفيذ عمليةٍ نوعية قُتِل خلالها جنديان صهيونيّان وأصيب ثلاثة آخرون حسب اعتراف العدو بالخسائر والعقلية الفذّة التي تغلّبت على أمنه الواسع، كما أنّه قام بتشكيل وحدة الرصد والإسناد لعمليّة الاستشهاديّ مهند اللحام الذي اقتحم مستوطنة "جاني طال" وجندل الصهاينة فيها.

إشرافٌ أمنيّ:
أشرف الشهيد صيام أمنياً على عملية حفر النفق تحت موقع محفوظة "أورحان"، وكان ضمن الوحدة التي قامت بعملية التفجير التي دمّرت الموقع بالكامل. تعرّض الشهيد صيام إلى محاولة اغتيالٍ فاشلةٍ قبل عدّة أشهر من قِبَل طائرات الاستطلاع الصهيونية في منطقة "عبسان" الكبيرة هو واثنين من رفاقه عندما أخطأت الطائرة هدفها في المرة الأولى، وبدا حينها التصميم على اغتياله حيث استُدعِيَت طائرةٌ أخرى تعزيزيّة لمطاردته ومتابعته في منطقةٍ خالية وإطلاق صاروخٍ ثانٍ وثالثٍ عليه إلا أنّ عناية الله حالت دون إصابته، واستطاع بفضل الله تضليلها والتمويه بلباسٍ متخفٍّ والخروج من المنطقة.

الرجل الهادئ:
لم يكنْ الشهيد "أبو انس" يحبّ عرَضَ هذه الدنيا وزيفها، كان يسعى لنيل الدرجة العالية في الفردوس الأعلى، فكان يبحث عن الطريقة السريعة لنيل الشهادة والفوز بالجنة، فعرض على إخوانه في قيادة كتائب القسام أنْ يجهّز نفسه لتنفيذ عمليةٍ استشهادية، وأنْ يكون نصيبه كباقي الاستشهاديين الذين جهّزهم، ولكنّهم رفضوا عرضه ذلك وتصميمه القويّ، معلّلين ذلك بأنّهم يحتاجونه إلى مهمّاته الكبيرة الموكَلة إليه في القيادة والتصنيع والتدريب، وكيف لا وهو "رجل جميع المهمّات".
وصفه أصدقاؤه وجيرانه بالرجل الهادئ الرزين الذي لا يصُدّ أحداً في تقديم الخدمة والمساعدة في أصعب وأحلك الظروف، فلم يكنْ يلهيه العمل العسكريّ الكبير عن التواصل الاجتماعي مع أسرته وأصدقائه وجيرانه الذين أحبّوه كثيراً، وعندما كانوا يفتقدونه يعرفون أنّه في مهمّةٍ جهادية ومنشغلٌ عنهم لفترة انقضائها فقط، رغم أنّه كان سرّياً للغاية ولا يصرّح عند سؤاله عن عمله الجهاديّ بأيّ شيء.
يقول صديقه الصحافي أيمن سلامة: "لم أكنْ أتوقّع أنّني في يومٍ من الأيام سأفقد صديق عمري الذي لازمني أكثر من عشرين عاماً، لم أجدْ ما يُنفّرني منه، فقد كان جامعاً لكافّة الصفات الحسنة التي يفتقدها الكثير من الشباب هذه الأيام، وفياً لأصحابه جميعاً، صريحاً في معاملاته، حنوناً على أبنائه، حيث إنّنا كنّا نميّزه في المسجد بمنديل إحدى بناته اللاتي كان يصطحبهن معه للصلاة حتى يربّيهن التربية الإسلامية الصحيحة".
ويذكر أيمن أحد مواقف الفداء للشهيد وذلك عندما تعرّض لحادثٍ مفاجئٍ أدّى إلى انقلاب دراجته التي كان يركبها هو وابنته "هبة"، وبسرعة البرق الخاطف قفز من فوق الدراجة على الأرض كي يتلقّف "هبة" قبل أنْ تقع وتسقط على الأرض، أدّى ذلك إلى إصابته إصابةً بالغة شوّه على إثرها وجهه وخُيِّطَ بـ13 غرزة.
ويضيف زوج أخته أسامة السباخي أنّه كان حريصاً على العمل التطوعيّ وإيثار الناس، ومحافظاً بشكلٍ كبيرٍ على عيادة رحمه وأقاربه، حيث شرح ظروف استشهاد "أبو أنس" قائلاً إنّه: "لم يبِتْ ليلته في البيت تحسّباً للاجتياح ومباغتة العدو، وجاء في صبيحة اليوم الثاني ليأخذ ابنه "أنس" إلى الشارع كي يعرّضه لأشعة الشمس عملاً باستشارة الأطباء حيث إنّ ابنه يعاني من مرض الكساح، وكان حينها ينوي شراء بعض الحاجيات لبناته الأخريات، ولم نعلم أنّ آخر عهد الشهيد في هذه الدنيا أنْ يحضن أبناءه الذين فقدوه ويسألون أمّهم في كلّ ساعة (لماذا تأخّر أبونا يا أمّي؟)".
ويضيف: "كان موعده مع الشهادة فعلاً عندما أطلق القنّاص الحاقد النار عليه من الموقع العسكري الصهيوني المقابل لمنزله، والذي طالما كان يرصده لساعة الوداع الأخير صبيحة يوم الأحد الموافق 17/7/2005م".

فقدان الرجل الجسور..
كان وقع الخبر على جميع من عرفه ليس مفاجئاً بقدر ما كان حزيناً على فراق ذلك الرجل الجسور، والعقل المدبّر للعمليات النوعية، وافتقادٍ لبطولة القائد الذي كان يتصدّى للعدو ودباباته.
بكاه أصدقاؤه وجيرانه، ولكن الدموع سرعان ما أصبحت دموع فرحٍ عندما رأوا ابتسامته وهو مسجّى وكأنّه فرحٌ بما نال وباختيار الله له، وكذلك عندما أثبت رجال القسام بصواريخهم وقذائفهم الانتقامية لدمائه التي صبّت غضباً على المستوطنات وإرهابيّيها المستوطنين الذين اعترفوا بالخسائر الفادحة والإصابات الخطيرة في صفوف جنودهم، حينها علِمَ الجميع أنّ القائد أثمر زرعه وتدريبه وخلف من بعده رجالاً أوفياء يحملون الأمانة ويسيرون على نفس الدرب الذي استشهد من أجله شهيدنا "أبو أنس".


بقلم جعفر الخابوري


بعيونه كان يرقبهم حتى آخر لحظةٍ، ينظر لهم وهم يختبئون في موقعهم... صوّب عينيه نحوهم وهم صوّبوا مدفعهم نحوه... أطلقوا الرصاصة نحو عنقه فارتقى لله... وسقطوا بغدرهم وجبنهم... إنّه القائد القساميّ سعيد عيسى صيام، الذي ترجّل أخيراً عن صهوة جواده.

المولد والنشأة:
وُلِد الشهيد سعيد عيسى صيام (32عاماً)، بمخيّم خانيونس الغربي في 26/1/1974م، بعد أنْ هُجِّرت عائلته المتديّنة الصابرة من بلدة "الجورة" داخل الأراضي المحتلة عام 48.. له ستة أشقاء، وأربع شقيقات، متزوّج وله أربعة أبناء: أنس، هديل، هبة، وأسماء، وزوجته حامل في شهرها الأول.
انتمى صيام إلى حركة حماس منذ تأسيسها وانطلاقتها الأولى في العام 1987، وعمِلَ ضمن صفوف الحركة في جهاز الأحداث، اعتقله الجيش الصهيوني على خلفيّتها في 7/12/1991 وقضى خلالها أربعة أشهر في سجن النقب "كتسعوت"، وخرج بعدها ليلتحق مباشرة بجهاز الطوارئ التابع للحركة.

اعتقاله:
واعتقل الصهاينة الشهيد صيام للمرة الثانية في 1/3/1993 وحُكِم عليه بالسجن لمدة ستة أعوام لم يقضِ منها سوى عشرين شهراً وتمّ الإفراج عنه أواخر العام 94 مع جملة إفراجاتٍ عامّة لمئات الأسرى، وخلال هذه الفترة كان قد بايع حركة الإخوان المسلمين، وظلّ مخلِصاً لعمله في مجال الدعوة حتى أصبح نقيباً في جماعة الإخوان المسلمين.
عمل على تربية وتوعية العشرات من جيل الإسلام الناشئ، وصمّم المجاهد صيام على مواصلة عمله الجهاديّ وتطوير ذاته العسكرية بعد أنْ التحق بمجموعات كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى جانب أنّه يعمل ضمن قوات الأمن الفلسطينيّ، وعمل على تطوير قذائف الهاون وتصنيعها، رغم تعرّضه لثلاث إصاباتٍ متفاوتة أثناء عمليات التصنيع والتطوير المختلفة، حيث كان يتميّز شهيدنا بمهنيّته العالية وحِرَفِه المتعدّدة في مجالاتٍ عدة، بالإضافة إلى هوايته في تربية الطيور والعصافير.

أول من قصف بالهاون..
وكان "أبو أنس" أوّل من قام بقصف المستوطنات بقذائف الهاون هو والشهيد حافظ صبح، واعتُبِر قائداً ميدانياً لمعظم المجموعات القسامية في منطقة حي "الأمل" التي شكّلها وقادها أثناء عمليات الاجتياح والتوغّلات المتكرّرة، وكان مسؤولاً عن عملياتٍ متعدّدة من زرع وتفجير عبوات وقصف للهاون وصواريخ القسام وتجهيز استشهاديين، بالإضافة إلى أنّه كان يُشرِف على معسكرين لتدريب وتأهيل المجاهدين الذي التحقوا في صفوف الكتائب، الأمر الذي جعله يوصَف "برجل جميع المهمّات".
عجز الجيش الصهيوني عن معرفة العقلية التي تغلبت على أمنه وحصونه في مستوطنة "بات سديه" في شهر رمضان قبل عامين، وذلك عندما استطاع الاستشهاديّ إسماعيل بريص من تنفيذ عمليةٍ نوعية قُتِل خلالها جنديان صهيونيّان وأصيب ثلاثة آخرون حسب اعتراف العدو بالخسائر والعقلية الفذّة التي تغلّبت على أمنه الواسع، كما أنّه قام بتشكيل وحدة الرصد والإسناد لعمليّة الاستشهاديّ مهند اللحام الذي اقتحم مستوطنة "جاني طال" وجندل الصهاينة فيها.

إشرافٌ أمنيّ:
أشرف الشهيد صيام أمنياً على عملية حفر النفق تحت موقع محفوظة "أورحان"، وكان ضمن الوحدة التي قامت بعملية التفجير التي دمّرت الموقع بالكامل. تعرّض الشهيد صيام إلى محاولة اغتيالٍ فاشلةٍ قبل عدّة أشهر من قِبَل طائرات الاستطلاع الصهيونية في منطقة "عبسان" الكبيرة هو واثنين من رفاقه عندما أخطأت الطائرة هدفها في المرة الأولى، وبدا حينها التصميم على اغتياله حيث استُدعِيَت طائرةٌ أخرى تعزيزيّة لمطاردته ومتابعته في منطقةٍ خالية وإطلاق صاروخٍ ثانٍ وثالثٍ عليه إلا أنّ عناية الله حالت دون إصابته، واستطاع بفضل الله تضليلها والتمويه بلباسٍ متخفٍّ والخروج من المنطقة.

الرجل الهادئ:
لم يكنْ الشهيد "أبو انس" يحبّ عرَضَ هذه الدنيا وزيفها، كان يسعى لنيل الدرجة العالية في الفردوس الأعلى، فكان يبحث عن الطريقة السريعة لنيل الشهادة والفوز بالجنة، فعرض على إخوانه في قيادة كتائب القسام أنْ يجهّز نفسه لتنفيذ عمليةٍ استشهادية، وأنْ يكون نصيبه كباقي الاستشهاديين الذين جهّزهم، ولكنّهم رفضوا عرضه ذلك وتصميمه القويّ، معلّلين ذلك بأنّهم يحتاجونه إلى مهمّاته الكبيرة الموكَلة إليه في القيادة والتصنيع والتدريب، وكيف لا وهو "رجل جميع المهمّات".
وصفه أصدقاؤه وجيرانه بالرجل الهادئ الرزين الذي لا يصُدّ أحداً في تقديم الخدمة والمساعدة في أصعب وأحلك الظروف، فلم يكنْ يلهيه العمل العسكريّ الكبير عن التواصل الاجتماعي مع أسرته وأصدقائه وجيرانه الذين أحبّوه كثيراً، وعندما كانوا يفتقدونه يعرفون أنّه في مهمّةٍ جهادية ومنشغلٌ عنهم لفترة انقضائها فقط، رغم أنّه كان سرّياً للغاية ولا يصرّح عند سؤاله عن عمله الجهاديّ بأيّ شيء.
يقول صديقه الصحافي أيمن سلامة: "لم أكنْ أتوقّع أنّني في يومٍ من الأيام سأفقد صديق عمري الذي لازمني أكثر من عشرين عاماً، لم أجدْ ما يُنفّرني منه، فقد كان جامعاً لكافّة الصفات الحسنة التي يفتقدها الكثير من الشباب هذه الأيام، وفياً لأصحابه جميعاً، صريحاً في معاملاته، حنوناً على أبنائه، حيث إنّنا كنّا نميّزه في المسجد بمنديل إحدى بناته اللاتي كان يصطحبهن معه للصلاة حتى يربّيهن التربية الإسلامية الصحيحة".
ويذكر أيمن أحد مواقف الفداء للشهيد وذلك عندما تعرّض لحادثٍ مفاجئٍ أدّى إلى انقلاب دراجته التي كان يركبها هو وابنته "هبة"، وبسرعة البرق الخاطف قفز من فوق الدراجة على الأرض كي يتلقّف "هبة" قبل أنْ تقع وتسقط على الأرض، أدّى ذلك إلى إصابته إصابةً بالغة شوّه على إثرها وجهه وخُيِّطَ بـ13 غرزة.
ويضيف زوج أخته أسامة السباخي أنّه كان حريصاً على العمل التطوعيّ وإيثار الناس، ومحافظاً بشكلٍ كبيرٍ على عيادة رحمه وأقاربه، حيث شرح ظروف استشهاد "أبو أنس" قائلاً إنّه: "لم يبِتْ ليلته في البيت تحسّباً للاجتياح ومباغتة العدو، وجاء في صبيحة اليوم الثاني ليأخذ ابنه "أنس" إلى الشارع كي يعرّضه لأشعة الشمس عملاً باستشارة الأطباء حيث إنّ ابنه يعاني من مرض الكساح، وكان حينها ينوي شراء بعض الحاجيات لبناته الأخريات، ولم نعلم أنّ آخر عهد الشهيد في هذه الدنيا أنْ يحضن أبناءه الذين فقدوه ويسألون أمّهم في كلّ ساعة (لماذا تأخّر أبونا يا أمّي؟)".
ويضيف: "كان موعده مع الشهادة فعلاً عندما أطلق القنّاص الحاقد النار عليه من الموقع العسكري الصهيوني المقابل لمنزله، والذي طالما كان يرصده لساعة الوداع الأخير صبيحة يوم الأحد الموافق 17/7/2005م".

فقدان الرجل الجسور..
كان وقع الخبر على جميع من عرفه ليس مفاجئاً بقدر ما كان حزيناً على فراق ذلك الرجل الجسور، والعقل المدبّر للعمليات النوعية، وافتقادٍ لبطولة القائد الذي كان يتصدّى للعدو ودباباته.
بكاه أصدقاؤه وجيرانه، ولكن الدموع سرعان ما أصبحت دموع فرحٍ عندما رأوا ابتسامته وهو مسجّى وكأنّه فرحٌ بما نال وباختيار الله له، وكذلك عندما أثبت رجال القسام بصواريخهم وقذائفهم الانتقامية لدمائه التي صبّت غضباً على المستوطنات وإرهابيّيها المستوطنين الذين اعترفوا بالخسائر الفادحة والإصابات الخطيرة في صفوف جنودهم، حينها علِمَ الجميع أنّ القائد أثمر زرعه وتدريبه وخلف من بعده رجالاً أوفياء يحملون الأمانة ويسيرون على نفس الدرب الذي استشهد من أجله شهيدنا "أبو أنس".


الجمعة، 4 أبريل 2014

قاسم: الديمقراطية في البحرين قائمة على إقصاء طاقات وتضييق حريات

قاسم: الديمقراطية في البحرين قائمة على إقصاء طاقات وتضييق حريات

الشيخ عيسى قاسم


قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، إن وصف الديمقراطية في البحرين قائم على «تضييق على الحرية الدينية والمذهبية إلى حد ملاحقة مشاريع التلاوة للذكر الحكيم بالعقوبة، ومصادرة حق الصلاة في المساجد المهدمة، إقصاءٌ وتعطيلٌ لكفاءاتٍ وطاقاتٍ قادرةٍ مستهدفةٍ من حسٍ طائفي مُستَولٍ على السياسة وعلى خلفية المطالبة بالحقوق، وشراسةٌ ومواجهةٌ للمطالبة بالحقوق، سحبُ جنسياتٍ وتهجيرٌ للمواطنين من المنطلق نفسه والذنب ذاته».
وفي خطبته يوم أمس الجمعة (4 أبريل/ نيسان 2014)، تحدث قاسم تحت عنوان «ديمقراطيتنا المتميزة»، قائلاً: «في البحرين ديمقراطية، هكذا يقولون، الديمقراطية هنا سبّاقة، متميزة، فريدة، المستوى ذات مستوىً مثال وحقّ للديمقراطيات الأخرى أن تقتدي بها، وللمحرومين من الديمقراطية أن يقتفوا أثرها، دعونا نقول هكذا ولكن ما وصف هذه الديمقراطية المثال؟ مجلس شورى معيّن يتمتع بحق التشريع، مجلس منتخبٌ من اختيار السلطة التنفيذية وتصميمها الكامل».
وتحت عنوان «الاستكبار والاستضعاف»، أوضح أن «تاريخ الاستكبار والاستضعاف في الأرض ومجتمعات الإنسان تاريخٌ طويلٌ قديمٌ مقيم، لا تتخلله إلا انقطاعات استثنائيةٌ يسيرة المدة هنا أو هناك على يد حكم السماء حيث يرضى به الإنسان، وهذه الانقطاعات هي الواحات الخضراء الرائعة في حياة المجتمعات وكل ما عداها تكون الأرض غارقةً في الظلام والعذاب».
وأضاف «ما تُرك الإنسان لهواه إلا وطلب الاستكبار عملاً وتمسك به ما استطاع تعويضاً عمّا يحكمه من الشعور بالفقد والنقص، -إذا استسلمتُ للهوى كنتُ في داخلي محكوماً للشعور للفقد والنقص، فأحتاج إلى التعويض، هذا التعويض بالاستكبار الكاذب الظالم».
وذكر أنه «حتى يتحقق ما يريد –ذلك الشخص، ذلك الإنسان- من أسباب الاستكبار العملي الباطل، وأن يبقى له استكباره يجد أن لا بد له من استضعاف شركائه في الأرض والحياة ومن يريد أن يبني ويحتفظ باستكباره على حساب مصلحتهم وعزتهم وما يجدونه من فرص التقدم والازدهار –لابد أن أسلب منك كل شيء حتى أسودك وأستكبر عملياً عليك».
وأردف قائلاً: «في مقابل هذا المستكبر، ما من إنسانٍ إلا ويعز عليه أن يظل أسير الضعف والذل والهوان، وأن تكون حياته في شرنقة الظلم الذي يمارس في حقه من الآخرين، ليس من إنسانٍ ما لم يمسخ إلا ويتطلع إلى الخروج من هذا الذل والهوان وأن يتحقق له الخلاص، ومن هنا يبدأ الصراع وتبدأ المعركة، ولا تستقر الحياة حتى تنكسر إرادةُ الاستكبار وتنتصر روح العزة والكرامة والانعتاق».
هذا، وتطرق قاسم في خطبته للحديث عن «القضاء العادل»، مبيناً أن «هذه مقولة كل أنظمة الحكم في البلاد العربية بالنسبة للقضاء التابع لها، لكن ما أن يتغيّر وضع النظام وتأتي سلطةٌ جديدة، ويتعرض أهل السلطة السابقة لأحكام هذا القضاء إلا وحكموا عليه بالظلم، هو نفس القضاء، وأنهم يعانون من ظلمه بينما يتبجح النظام الجديد بعدل القضاء الذي أقام بنائه وصار يمتثل ما يُملى عليه من جانبه».
وأشار إلى أن «القضاء التابع لأي نظام عادلٌ حسب إعلامه بشرط أن لا يصيبه من عدله المدّعى الذي يعرف نفسه أنه ليس كذلك ما يعاني منه أهل مقاومته، فالقضاء التابع لأي نظام ليس فوق عدله عدلٌ حسب إعلان ذلك النظام، وينتهي هذا العدل ويتحوّل إلى ظلم حالما تدور الدوائر على النظام نفسه ويخضع عددٌ من رجاله إلى حكم ذلك القضاء ويذوقون من ظلمه وأحكامه الجائرة أو حتى العادلة ما يذوقون».
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4228 - السبت 05 أبريل 2014م الموافق 05 جمادى الآخرة 1435هـ

صباح الخير