الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

هفوات وثغرات صفقة شاليط.. المفاوضات كانت شاقة وما تم تحقيقه هو انجاز كبير


هفوات وثغرات صفقة شاليط.. المفاوضات كانت شاقة وما تم تحقيقه هو انجاز كبير
 


من المطلوب اخذ بعض الملاحظات بعين الاعتبار للصفقات القادمة
بذلت حركة حماس جهودا مضنية مشكورة كي تكون صفقة شاليط افضل ما يجب ان تكون، وكانت المفاوضات مع الطرف الاسرائيلي عبر طرف ثالث صعبة وشاقة جدا، وبالفعل حققت هذه الصفقة انجازا كبيرا وهي مكسب كبير للشعب الفلسطيني.
في كل صفقة هناك ثغرات، وكل صفقة تبادل أسرى توقع، تكون افضل ممن سبقتها لان المفاوض الفلسطيني يكسب خبرة، ويعرف أين الثغرات ويتجاوزها. ومهما كان المفاوض حكيماً وذكيا، فان الجانب الاسرائيلي يخلق احيانا ثغرات في الصفقة لا يتم اكتشافها الا بعد تنفيذها وتطبيقها.
في هذا التحليل نحاول القاء الاضواء على بعض ثغرات هذه الصفقة ليس للتقليل من أهمية هذه الصفقة أو للمس بالمفاوض الفلسطيني الحمساوي المفاوض، بل من أجل الانتباه اليها في المستقبل.

الابعاد الى غزة والخارج


شملت الصفقة ابعاد اسرى محررين 40 منهم للخارج، واكثر من مائة وخمسين من ابناء الضفة والقدس الى قطاع غزة.
وبخصوص الابعاد للخارج فقد تم توزيع المبعدين على ثلاث عواصم: دمشق، الدوحة وانقرة. واستقبلت دمشق 16 اسيرا واسيرة، والدوحة استقبلت 15 اسيرا وانقرة 10 اسرى.. ليصبح 41 اسيرا، وذلك لان اسيرة فلسطينية رفضت التوجه للقطاع وفضلت العيش في دمشق مما رفع عدد الاسرى المبعدين الى 41 اسير من بينهم اسيرة.
ولا بدّ من الاشارة الى ان الاسيرة احلام التميمي قررت التوجه الى عمان بدلا من القطاع اذ ان خطيبها ينتظرها هناك لاكمال مشوار بناء البيت المشترك، اي الزواج.
وخطورة ابعاد المواطن من ابناء الضفة الى القطاع تكمن في الاتي:
1.     ان اسرائيل تعتبر القطاع جزءاً منفصلا عن الضفة الغربية، وهذا بالتالي تعزيز للانقسام، او دعم لمحاولة اسرائيل لابقاء القطاع مفصولا عن الضفة.
2.     القبول بمبدأ الابعاد سواء الى القطاع او الخارج يعني ان اسرائيل ستمارس مثل هذه التجربة مع الاسرى الذين قد يفرج عنهم مستقبلا، اي انهم لا يعودون الى بيوتهم بل يهجرون من بيوتهم ليقيموا في مناطق اخرى سواء اكانت فلسطينية او غير فلسطينية.
3.     عملية الربط العائلي بين الاسير واهله ليست سهلة للمبعدين الى القطاع اذ ان زيارة القطاع ليس بالامر السهل، ويضطر الاهل الى التوجه للقطاع عبر رحلة طويلة من الضفة الى الاردن فمصر ومن ثم القطاع، فهذا متعب ومرهق ومكلف. والمتزوج من هؤلاء ستضطر عائلته للالتحاق به، وهذا يعني وبصورة غير مباشرة ان الابعاد شمل ايضا عائلة الاسير المحرر ايضا.
اي ان مبدأ الابعاد يجب ان يُرفض في الصفقات القادمة لان الاهل سيتعبون، وكذلك نظرا لتداعياته السياسية واهداف اسرائيل الخطيرة منه.

الإقامة "الجبرية" والتعهدات
عدد الأسرى الذين حرروا، وتوجهوا للضفة هو 96 أسيراً وتم استقبال الأبطال، ولكن عدداً منهم فرضت عليه شبه الاقامة الجبرية، إذ أن بعضهم أجبروا على التعهد بعدم مغادرة المدينة التي يقيم فيها، وعليهم ايضاً أن يراجعوا الادارة المدنية مرة كل شهر أو شهرين، أي أنهم تحت مراقبة الاحتلال الاسرائيلي.
وقبل الافراج عن الاسرى، حاولت اسرائيل اجبارهم على التوقيع على وثيقة بعدم العودة للنضال، وقد تم تعديلها قليلاً مما يعني أن تعهدا ما فرض على الاسير قبل تحريره من السجن الاسرائيلي.

عدد الأسيرات


لقد أعلن خالد مشعل أن جميع الأسيرات سيطلق سراحهن، ولن تبقى أية أسيرة في السجن، ليتبين فيما بعد أن هناك 36 أسيرة في سجون الاحتلال، اي ان الصفقة "نسيت" وتركت بصورة غير مقصودة 9 أسيرات داخل سجون الاحتلال، وهذا الموضوع يعود إلى أحد أمرين: عدم معرفة حماس عدد الأسيرات بالتحديد، والثاني هو أن الجانب الاسرائيلي أصر على وجود 27 أسيرة لديه، أي انه خدع المفاوض الحمساوي، لكن هذه الثغرة قد تعالج قدر الامكان في المرحلة الثانية عندما يتم الافراج عن 550 أسيراً.
ويجب عدم لوم حماس على هذه "الهفوة" إذ أن عدد الاسرى في سجون الاحتلال لم يحدد بصورة قطعية، فنسمع ان عددهم 10 آلاف، واحيانا تسعة آلاف، وفي أوقات أخرى ستة آلاف. أي ان العدد لم يحسم بعد، وهذا يعود الى رفض اسرائيل توفير المعلومات الكاملة عن جميع الأسرى.

وعودات من الصعب تنفيذها
لقد قدمت حركة "حماس" العديد من الوعودات خلال عملية التفاوض للتوصل الى صفقة التبادل، ومن بينها اطلاق سراح مروان البرغوثي واحمد سعدات، وكذلك الافراج عن أسرى مرضى، وقدمت وعودات للعديد من الاهالي، لكن هذا لم يتم لأن الامر ليس بيد "حماس"، إذ أنه بيد المفاوض، وما يستطيع انجازه وتحقيقه.
ومن هنا يمكن القول أن سقف الوعودات كان عاليا، وكذلك كانت التوقعات كبيرة، ولكن لم يتحقق كل ذلك، ومن الصعب لوم "حماس" على ذلك، ولكن ما هو مطلوب مستقبلا أن نتفادى رفع سقف مطالبنا ووعودنا وتوقعاتنا، ويجب تفادي اعطاء وعود، وابقاء الامر بعيدا عن الاضواء واعطاء امل الافراج لجميع الاهالي من دون تحديد اسماء أو تقديم وعودات.
وهناك من ينتقد "حماس" بأن 80 بالمائة من الاسرى المحررين في هذه الصفقة هم من المنتمين للحركة في حين ان عدد أسرى حماس في سجون الاحتلال يمثل 30 المائة من عدد جميع الاسرى في السجون الاسرائيلية.. وهذا يعني أن حماس اهتمت بأسراها، رغم انها افرجت عن اسرى بقية الفصائل. ومن حق الحركة الاهتمام بأسراها واعطائهم أولوية وخاصة أن اسرائيل فرضت قيودا مشددة وقاسية على أسراها في سجون الاحتلال، لانها حركة أسرت الجندي شاليط، ولانها ايضا ترفض الاعتراف بدولة اسرائيل، والصفقات السابقة تجاهلت هؤلاء الأسرى.

انجاز للجميع




مهما تعددت الانتقادات، ومهما قيل عن هفوات، الا ان الصفقة في مجملها هي انجاز كبير إذ حررت 1027 اسير واسيرة، واخرجتهم للحرية.. ويمكن الجدل ان المبعدين للخارج، رغم انه ابعاد عن الوطن، الا انهم قد يتمتعون بحرية اكبر من تلك الحرية الممنوحة للمواطن الفلسطيني الذي يعيش في المناطق الفلسطينية المحتلة، أي انه تحرر ايضا من السجن الكبير. وسيحظى بحياة وحرية اكبر، وسيكون بين اخوانه في دمشق والدوحة الى ان تتحرر أراضينا الفلسطينية وتقام الدولة الفلسطينية بعد انهاء الاحتلال الاسرائيلي البغيض.
وملاحظة أخيرة لا بد من قولها ان من يحاول طعن الصفقة فانه يكون ساذجا الى حد كبير لانه لا يعرف صعوبة التفاوض مع اسرائيل، وساذجا لانه لا يعرف ان اطلاق سراح اسير واحد هو انجاز فكيف اذا كان اطلاق سراح أكثر من ألف اسير.
انه إنجاز مهما قيل ووجهت انتقادات، وكل الامل في أن ننجح جميعا وفي اقرب وقت في كسر القيد لجميع أسرانا، وتحريرهم جميعا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق