الأحد، 20 نوفمبر 2011

نظام تبريد المناطق.. وداعا لأجهزة التكييف


نظام تبريد المناطق.. وداعا لأجهزة التكييف

image
حوار: خولة القرينيس 

لن يحتاج البحرينيون للانتظار طويلا حتى يقولوا «وداعا» لأجهزة التكييف في البنايات الكبيرة والمتوسطة، وكي يتخلصوا من آثار الضجيج والتلوث التي تخلفها، وكذلك من الكلفة العالية نتيجة استهلاك الطاقة الكهربائية، وما ينتج عنها من مشاكل وانقطاعات في ساعات الذروة.
المسألة ليست دربا من دروب الخيال، ولكنها واقع يمكن أن يتحقق على أرض البحرين من خلال تعميم نظام تبريد المناطق، الذي يعتمد على إنتاج المياه المبرّدة من محطة مركزية ومن ثمّ ضخّها إلى الأبنية بواسطة شبكة من الأنابيب، وهو نظام يتيح تقديم الخدمة إلى عدد كبير من العملاء أو المشتركين انطلاقاً من محطة واحدة.
وقد بدأت الشركة بتوفير خدمات تبريد المباني في مناطق عدة في المملكة، وذلك بعد اكتمال شبكة نقل المياه المبردة والممتدة من المنطقة الدبلوماسية، حيث تم تشغيل المحطة الأولى «لتبريد»، إلى ضاحية السيف باستثمارات بلغت 85 مليون دينار.
ولأهمية هذا الموضوع ارتأت «أخبار الخليج» ضرورة التعرف على مفهوم نظام التبريد، وما هي مزاياه؟ وهل بالفعل يمكنه خفض نسبة استهلاك الكهرباء في البحرين إلى النصف؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير طرحناها على نائب المدير العام بشركة البحرين للتبريد جهاد أمين ورصدنا إجاباته خلال هذا الحوار:
{ في البداية نريد التعرف على مفهوم تبريد المناطق. 
يمكن تعريف تبريد المناطق بأنه توزيع التبريد انطلاقاً من مصدر واحد أو أكثر إلى بنايات متعددة ويقتصر نظام تبريد المناطق على إنتاج المياه المبرّدة من محطة مركزية ومن ثمّ ضخّها إلى الأبنية بواسطة شبكة من الأنابيب وذلك لأغراض التكييف، وينشط استخدام تبريد المناطق حالياً في الأحياء والمجمّعات التجارية والمنشآت المؤسساتية كالجامعات والكلّيات، وبذلك أصبح بإمكان المباني التخلّص من المبرّدات والمكيّفات الفردية، واستبدال نظام تبريد المناطق بها، ناهيك عن مساهمة هذا النظام في خفض انبعاث الغازات الدفيئة في العديد من الحالات.
ولعل السبب في عدم معرفة الكثير من الناس بنظام تبريد المناطق هو طريقة عمله الصامتة، كما أن الأنابيب التي تنقل المياه المبرّدة إلى الأبنية توجد عادةً تحت سطح الأرض، فلا يشعر الناس حتى بوجودها، من جهة أخرى فإن نظام تبريد المناطق يعمل خلال ساعات ذروة استهلاك التيار الكهربائي من خلال تبريد المناطق والاعتماد على الثلج المخزّن والمياه المبردة، ممّا يساهم في تخفيف الضغط على شبكات الكهرباء في المدن، وبالتالي لا تقتصر فوائد نظام تبريد المناطق على التبريد الفعال للأبنية والمدن، بل تتعدّاه إلى خفض استخدام الطاقة الكهربائية.
{ ما هي الميزة الرئيسية في هذا النظام؟ 
إن ما يميز نظام تبريد المناطق هو قدرته على خدمة عدد كبير من العملاء أو المشتركين انطلاقاً من محطة واحدة، الأمر الذي تعجز عنه المباني بمفردها وليس هذا وحسب بل إن بمقدور هذا النظام الاعتماد على مصادر متنوعة من الطاقة التقليدية وذلك بحسب توافرها وكلفتها عند الحاجة، مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي. ونظراً لحجم نظام تبريد المناطق يمكن لمحطات الإنتاج التحول إلى استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الحيوية، والبخار. كما أن المباني المشتركة في نظام تبريد المناطق لا تتكلّف النفقات الباهظة التي تتطلّبها وحدات التبريد الفردية التقليدية. وبالتالي يصبح بإمكانها التوفير في رأس المال الأولي واستخدامه لأغراض أخرى بالإضافة إلى الاقتصاد في المساحة المستخدمة. 
{ ما هي الجدوى الاقتصادية من وراء هذا المشروع؟ 
لقد استثمرت الشركة نحو 85 مليون دينار في الاقتصاد البحريني، وقد كانت تسعى لرفع استثماراتها إلى 200 مليون من خلال بناء عدد من المحطات الأخرى لربطها بالشبكة الحالية (شمال المنامة) وكذلك في مناطق مختلفة من المملكة لولا الأزمة الاقتصادية التي أثرت على المشاريع العقارية الكبرى التي تشكل قاعدة الزبائن الأساسية لهذه الصناعة.
إن نظام تبريد المناطق الذي توفره شركة تبريد البحرين يؤدي إلى خفض الحاجة إلى استخدام الطاقة الكهربائية لتغطية خدمات التبريد في المباني خاصة في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجة الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية، وهو الأمر الذي يحتم توفير طاقة كهربائية كبيرة للتبريد.
وماذا عن دور هذه التقنية في الحفاظ على البيئة؟ 
إن التوفير المتزايد في الطاقة يخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. علماً بأن كل كيلوواط / ساعة مستهلك من محطة كهرباء يولد 1,05 كغ من غاز ثاني أكسيد الكربون.
تستخدم المحطة المركزية مبردات صديقة للأوزون مثل ف134-ئب كما أن حدوث أي تسرّب عرضي من محطة مركزية واحدة يكون بالطبع أقل بكثير مما لو حدث لعدد من المحطات الموزعة هنا وهناك، وتستهلك أجهزة التبريد حوالي 70% من إجمالي الطاقة المستهلكة داخل الأبنية، وتشكل 70% من الطلب على الطاقة في أوقات الذروة. ولو قمنا بتحويل التيار من المنازل الفردية إلى المحطة المركزية فإن التيار الكهربائي سينخفض بشكل كبير، وينخفض معه عدد المحطات الكهربائية الفرعية وطول الكابلات وحجمها.
إن حاجة نظام تبريد المناطق إلى الطاقة الكهربائية هي أقل بكثير من حاجة المحطات المتعددة والوحدات الفردية. كما أن المحطة المركزية قادرة على إيواء المحول الكهربائي، مما يقلّص بشكل كبير الأشغال الكهربائية، ويمكن التعامل مع ارتفاع الطلب على الطاقة وأوقات الذروة بسهولة كبيرة من خلال استخدام نظام تبريد المناطق، والاعتماد على المبرد الذي يعمل على الغاز كمبرد احتياطي أو في أوقات الذروة، وذلك تزامناً مع المبردات الكهربائية.
{ هل ستؤدي هذه المبردات إلى خفض الطلب على الطاقة الكهربائية التي تنتجها الدولة؟
نعم.. بإمكانها خفض الطلب على الطاقة بمعدل 50% تقريباً عن طريق محطات التبريد المشغلة بالكهرباء التي تعمل بمبدأ الضخ المركزي للمياه المبردة. أما في حال تشغيل محطات التبريد بالغاز الطبيعي فذلك يؤدي إلى خفض الطلب على الطاقة الكهربائية بمعدل يتجاوز 60%.
ووفقاً لدراسة أجريت مؤخراً، من المتوقع أن تعمل أنظمة تبريد المناطق على تخفيض الطلب على الطاقة في وقت الذروة في البحرين بما يتجاوز 400 ميجاوات بحلول 2020 إلا ان هذه الدراسة بحاجة للتجديد نظراً للمتغيرات التي طرأت على سوق البناء في الفترة الأخيرة.
بالعودة إلى تاريخ الشركة كيف وصلت هذه التقنية إلى الخليج؟ 
أنشئت الشركة الوطنية للتبريد المركزي «تبريد» (ش.م.ع) في الإمارات العربية المتحدة، في يونيو 1998، لتصبح اليوم إحدى أكبر شركات التبريد المركزي حول العالم. وتقدّم «تبريد» خدمات تبريد المناطق في دول مجلس التعاون، ولديها مكاتب في كلّ من دبي وأبوظبي ورأس الخيمة والدوحة والمنامة والخبر ومسقط. 
الجدير بالذكر أن شركة البحرين للتبريد من أوائل الشركات التي دخلت بقوة إلى السوق وحصلت على عقود ضخمة للتبريد.
{ متى تأسست (تبريد البحرين)؟
تأسست «تبريد البحرين» عام 2004 في إطار شراكة تضم كلا من الشركة «الوطنية للتبريد المركزي» (تبريد)، ومقرها الإمارات العربية المتحدة وشركة «استيراد للاستثمار» (استيراد) ومجموعة عبدالله أحمد بن هندي، وتشير إحدى الدراسات التي أجريت حديثا إلى أن التبريد المركزي للمناطق سيقلص الطلب على الطاقة في البحرين عند الذروة إلى أكثر من 400 ميجاوات وذلك بحلول عام .2020 ويعتبر التبريد المركزي للمناطق مفيدا لتوفير الطاقة إضافة إلى أهميته بالنسبة إلى البيئة.
وتساهم الأنظمة التي توفرها أنظمة تبريد المناطق في تقليل استهلاك الطاقة الكهربائية إلى النصف بالنسبة إلى المحطات المركزية التي تعمل بالطاقة الكهربائية بينما تنخفض النسبة إلى 90 في المائة للمحطات المركزية التي تعمل بالغاز الطبيعي، ويشهد نظام التبريد المركزي للمناطق نموا في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وآسيا والشرق الأوسط. ويعمل هذا النظام من خلال توصيل المياه الباردة من محطة مركزية للتبريد عبر شبكة أنابيب إلى مجموعة من المباني السكنية والتجارية والحكومية.
وقد عبر مطورو المشاريع الإنشائية عن ترحيبهم بهذا النظام الذي لا يحتاج إلى استثمار رأسمالي ويتفادى أعباء تشغيل أنظمة التبريد الخاصة بهم، وتحويل هذه المهمة إلى شركة متخصصة قادرة على توفير أنظمة تبريد يعتمد عليها. كما يحظى المستأجرون بنظام تبريد فعال وقابل للتحكم، مع تجنب مشاكل الضجيج والتبخر التي تسببها أنظمة التبريد المركبة على الأسطح أو في المباني المجاورة.
{ ما هي أبرز الصعوبات التي واجهت المشروع؟
واجهنا صعوبات كثيرة خلال تنفيذ المشروع وبالأخص خلال مد شبكة توزيع المياه المبردة التي تمتد تحت الأرض داخل المنطقة الدبلوماسية وعلى امتداد شارع الحكومة لتعبر تحت شارع الملك فيصل من دون قطع الشارع وذلك عن طريق الحفر الموجه إلى مرفأ البحرين المالي ثم لتعبر تحت مياه البحر إلى جزيرة الريف وهكذا أيضاً إلى ضاحية السيف. 
تم تنفيذ الشبكة على عدة مراحل تطلبت كل مرحلة التخطيط والتنسيق الدقيقين مع جميع الجهات المعنية التي تستخدم الممرات الخدمية تحت الأرض كالكهرباء والماء وبتلكو وإدارة الطرق والمجاري والبلديات والإدارة العامة للمرور وغيرها من الجهات المختصة، كذلك أصحاب الممتلكات الخاصة التي تمر تحتها الشبكة. وأود الإشارة إلى الاهتمام والدعم الكبيرين اللذين قدمهما لنا مكتب التخطيط المركزي التابع لوزارة الأشغال خلال تلك المرحلة. 
ويواصل حديثه قائلا هناك أيضا موعد تشغيل محطة التبريد الذي تأخر نظراً لعدة عوامل منها التصميم المتميز حيث تقع على عمق يقارب 13 متراً تحت الأرض في احدى أكثر المناطق ازدحاماً في المملكة. ومحطة إنتاج الكهرباء الخاصة بالمشروع ذات التصميم الفريد من نوعه على مستوى المملكة الذي تطلب تنسيقاً ومتابعة خاصة من هيئة الكهرباء والماء.
ما هو تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية؟
كغيرنا من الشركات مررنا بصعوبات مادية خلال فترة تنفيذ المشروع بسبب الأزمة الاقتصادية فقد تم تصميم البنية التحتية للمشروع على أساس معدلات احتياج السوق أثناء فترة الطفرة العمرانية وقد اختلفت هذه المعدلات مما تطلب إعادة هيكلة لرأس المال. وقد أدى التزام المستثمرين بإكمال هذا المشروع الحيوي إلى تذليل تلك الصعوبات. 
{ هل تتطلعون لبناء المزيد من المحطات؟
نعم، نتطلع لبناء محطات جديدة لخدمة نظام تبريد المناطق في حال تعافي الاقتصاد أكثر وعادة عجلة بناء المشاريع العمرانية لسرعتها الطبيعية حتى لا يفوق العرض الطلب الموجود، أما الآن فيمكننا تقديم خدمة التبريد إلى أي مبنى في المناطق القريبة من شبكة الأنابيب الرئيسية كما ذكرت.
{ وماذا عن الآلية التي سيتم من خلالها تطبيق الرسوم؟ 
هناك عدة حلول لتطبيق الرسوم وذلك يعتمد على عدة معطيات، فإذا قمنا بالاستثمار في البنية التحتية للمشاريع الكبيرة فلابد من أن يكون هناك رسوم خاصة تضمن استرجاع قيمة هذا الاستثمار على المدى الطويل إضافة لرسوم الاستهلاك. أما إذا كان التوصيل لمبنى قائم مثلاً فيتم تطبيق الرسوم بقدر الاستهلاك في كل مبنى مثل ما يحدث لاستهلاك الكهرباء، وخصوصا أن مفهوم تبريد المناطق أصبح مطلبا مهما الآن لأنه يعطي الزبون قيمة معتبرة مقارنة بالطريقة التقليدية في التبريد، التي تنحصر فقط على تبريد المباني، وهذه الطريقة تستهلك طاقة أقل بكثير من أنظمة التبريد التقليدية، لأن نظام تبريد المناطق اخذ في النمو على امتداد العالم بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط.
فتبريد المناطق يمكنه أن يوفر التكاليف الحكومية الخاصة بهيكل الطاقة والمياه وعمليات التشغيل. والطفرة التنموية التي شهدتها مملكة البحرين قد عملت على إيجاد طلب ملحوظ للطاقة والمياه.
فقد تم تطوير نظام تبريد المناطق في البحرين من دون الاعتماد على إمدادات مياه الشرب. لأن محطتنا تستخدم مياه البحر من أجل تبريد المبردات بصورة مباشرة حيث يتم ضخ المياه إلى المحطة من نقطة واقعة بين جسر الشيخ حمد وجسر الشيخ عيسى ليتم استخدامها في تبريد مياه الشبكة ومن ثم يتم إرجاع مياه البحر إلى منطقة قريبة من خليج البحرين. كما تتم مراقبة هذه العملية من قبل شركة مختصة بصورة مستمرة وبدقة متناهية لضمان التوازن البيئي وعدم تأثر البيئة البحرية وتقوم هذه الشركة برفع التقارير الدورية للهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق